Tarihin Misra a zamanin Khidiwi Ismail
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Nau'ikan
10
من يراجع، بعد ذلك، تاريخ الحركة الفكرية النيابية بالقطر المصري في نصف القرن الذي تلا افتتاح أول مجلس نيابي فيه، ويقف على مقدار تطور العقلية فيها، يدرك إدراكا تاما مقدار الحكمة المستكنة في قول ذلك النبيل الفرنساوي؛ ويتمكن من الوقوف على التطور الاجتماعي الذي أوجبته، على ممر الأيام، منحة (إسماعيل): فيقدرها تقديرها الحق، ولا يبخل على صاحبها بالثناء والشكر اللذين يستحقهما.
الثالث:
أنه لم يمض على تشكيل ذلك المجلس بضعة أعوام، إلا وأنجب نوابا عن مصالح الأمة حقيقين بهذا الاسم؛ ولو أن عددهم لم يتجاوز أصابع اليد الواحدة؛ نوابا لم يروا أن مهمتهم تنحصر كلها في التصديق على أعمال الحكومة وتحبيذها، لم يخافوا التصدي لمعارضتها ومناقشتها الحساب؛ بالرغم من علمهم أنها إنما تنطق بلسان الأمير وتعبر عن إرادته، ومع ذلك، فإن التاريخ لا يذكر أنهم أصيبوا بسوء بسبب حرية ضمائرهم وألسنتهم، ولو أن بعض ذوي الأمر امتعضوا منها، وهددوا أصحابها بضر إن لم يصمتوا.
الفصل الثاني
توسيع نطاق الزراعة والري والمواصلات1
الزراعة حياة مصر؛ والري روح الزراعة؛ والمواصلات من البلد كالشرايين من الجسد.
كهنوت مصري قديم
من المعلوم أن (محمد علي)، في أوائل سني ملكه، أي ما بين سنة 1808 وسنة 1814، مقابل ترتيبه إيراد سنوي، لحاملي حجج الأطيان المصرية، يوازي إيرادها السنوي المعتاد، استولى على جميع هذه الأطيان، بما فيها أطيان ديوان الأوقاف ورزق المساجد - ما عدا «الوسيات» - وهي أطيان تخلفت للنواحي عن فلاحين ماتوا بدون وريث؛ أو تنازل عنها أصحابها الفقراء، لعدمهم، إلى ملتزم الناحية مقابل مبلغ يسير من النقود؛ فأصبح الملتزم يزرعها لحسابه، نظير دفعه مالا سنويا للميري، ليمكنه من القيام ببعض نفقات في المصلحة العامة كتطهير الترع وصيانة السواقي، وما لبث الملتزم، بعد عهد قليل، أن امتنع عن دفع ذلك المال، مع احتفاظه بالوسية؛ كما فعل البطريقيون «بالأجر العام» في جمهورية روما القديمة، فحقق (محمد علي)، بذلك التملك، الحلم الذي رآه في صباه، وهو في قوله، إذ نظر نفسه يشرب كل ماء النيل، ليروي ظمأ اعتراه، ولا يرتوي.
ومن المفهوم ، بداهة، أنه إنما استولى على جميع أطيان القطر، لا لطمع أو جشع في أملاك الغير؛ ولكن لسببين: الأول رغبته في إدخال أصناف مزروعات جديدة على الزراعة المصرية المعاصرة له (كالقطن، والكتان، والأفيون، والنيلة والتوت إلخ)، من شأنها زيادة الثروة العمومية، وإنماء رخاء البلاد؛ وعلمه أن جمود الفلاحين المصريين في الاقتصار على أنواع المحصولات القديمة يحول دون تحقيق رغبته. والثاني تصميمه على احتكار تجارة القطر عامة، ظنا منه أن في ذلك مصلحة البلاد؛ لاعتقاده أنه يدري من أساليب التجارة وضروبها ما لا يدريه الفلاحون؛ وإراداته، والحالة هذه، أن يتمكن من زرع ما يشاء، أنى يشاء، وبأية كمية يشاء.
Shafi da ba'a sani ba