Tarihin Misra a zamanin Khidiwi Ismail

Ilyas Ayyubi d. 1346 AH
173

Tarihin Misra a zamanin Khidiwi Ismail

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Nau'ikan

13

وبعد أن كان الأكل على «الصواني» والطبليات، تمد حيثما يتفق، أصبح على موائد مرتبة، في حجر خاصة، مجهزة تجهيزا تدل كل مظاهره على أن تلك الحجر خصيصة بالأكل دون غيره.

وبعد أن كان الجلوس على فرش فوق الأرض، يمد على طول الحيطان، بوسائد مسندة إلى هذه، أو على أرائك مصنوعة طبقا للطراز الإسلامبولي، أصبح على أرائك مرتفعة، تجلب رأسا من بلاد الغرب، أو تصنع في نفس القطر، ولكن على طراز الوارد من الخارج؛ وعلى كراسي من الخيزران، ومقاعد أخرى متنوعة الصنع لم يكن الجيل السابق يستعملها البتة.

وبعدما كان رب البيت، إذا ما أتاه زائر أو ضيف، يقدم له الشربات، فالشبك الطويل، فالقهوة في فناجين ذات ظروف خاصة، أصبح يقدم له، بعد الشربات، السجاير، ثم القهوة في فناجين ذات آذان، قائمة على صحون صغيرة، من جنسها.

وعمل (إسماعيل) ثانيا، على تغيير عقلية رعاياه، منزليا، بما حببه إليهم من استبدال الطرق المعمارية القديمة، بالطرق المعمارية الحديثة، فبينما كانت البيوت في السابق تفصل من الداخل، تفصيلا غريبا، بحوش ومنادر ذات خزاين مرتفعة، ومقاعد غير مستوية السطح، يخرج منها إلى درك قليلة الاتساع، تنتهي إلى سلم ببضع درجات يوصل إلى مقاعد أخرى، منفصلة عن بعضها ومرتفعة عن الأولى ارتفاعا بسيطا، وهكذا، حتى يبلغ إلى أعلى البيت، حيث يوجد ما كانوا يدعونه بالقصر - وهو مقعد يشرف على كل ما تحته، وتنظر السماء من نوافذه دون سواها؛ وبينما كانت أبواب المدخل تجعل إما واطئة، لا يلجها الإنسان إلا إذا أحنى قامته؛ أو واسعة جدا، وفي هذه الحالة، إما أن تكون أبوابها حديدية، أو خشبية ضخمة، كأبواب الحصون؛ وإما أن تفتح في وسطها فتحة صغيرة تستعمل دون غيرها للدخول، ويضطر الداخل منها، أيضا، إلى إحناء رأسه وقامته، إحناء كبيرا؛ وبينما كان خارج البيوت يتعدى، في الغالب، على الهواء والفراغ، فتقوم الأدوار العليا على كتل بارزة عن حائط الدور الأرضي إلى فضاء الشارع، وليس في ذلك الخارج ما يستلفت النظر، سوى المشربيات - وكانت تارة صغيرة، بحيث لا يستطيع أن ينظر منها أكثر من شخص واحد، أو يضع فيها غير قلة واحدة؛ وطورا كبيرة، واسعة وذات «خارجات» من نوعها تكاد تلامس مقابلاتها في الصف الآخر للمباني، أصبحت البيوت تفصل، أدوارا أدوارا، على الطريقة الغربية، كل دور مستوف لوازمه، ومشتمل على حجر يعرف الغرض المعدة له كل منها؛ وأصبحت المداخل تكسى أبهة وجلالا ، فيلج الإنسان منها إلى صحن الدار، وهو رافع الرأس والجبين، مستوي القامة؛ وأصبحت الصنعة تتفنن في خارج البيوت، فتزين الوجهات بالشرفات الرخامية، وبمظاهر هندسة معمارية بديعة، وبالنسبة لاتساع الشوارع الجديدة، وقيام الأشجار على جانبيها، والاستغناء بالتالي عن الحيشان الداخلية، لم تعد تلك الوجهات تجور على الفضاء، ولم تعد أخطار تداعيها وسقوطها بالكثرة التي كانت عليها في السابق.

وعمل (إسماعيل)، ثالثا، على تغيير عقلية رعاياه، منزليا، بما حمل عليه الغربيين والسراة الوطنيين من تشييد القصور والوكالات الفخمة، فوق الأراضي التي وهبها لهم، على شرط أن يقيموا عليها مباني تتناسب أبهتها مع أثمان تلك الأراضي، ولما كان ثمن بعض القطع فيها يربو على الألفي جنيه، فإن رمنجتن والديوك أوڨ سيوذرلند، والكلوب الإنجليزي، وغيرهم، أنشاؤا عليها قصورا بلغ ثمن الواحد منها عشرين ألف جنيه، فنجم عن ذلك أمران: (الأول) أن حب التقليد أخذ يدفع بالأهالي في العاصمتين والبنادر، بل في ذات القرى، إلى تشييد بيوت وقصور على مثال تلك السرايات والمنازل الفخمة؛ وفرشها بالرياش الفاخر، على الطراز الغربي؛ و(الثاني ) أن الحياة المنزلية الأهلية المجاورة للحياة المنزلية الغربية، المقتضية في هذه التشييدات الجديدة، شرعت تزداد بها احتكاكا، وتقتبس منها خصالا من شأنها أن تستبدل، من قديم كثير، جديدا يروق في العين، وأهم ما ظهر ذلك في إقدام الشرقيين على الاقتداء بالغربيين في إقبالهم على التصور شمسيا، وعلى تزيين حجر بيوتهم بإطارات صورهم وصور أصدقائهم الفوتوغرافية.

فإذا أضفنا إلى هذه الأمور الثلاثة، ما أدخله (إسماعيل) إلى صميم البيوت من تغيير في وسائل الشرب والتنوير المادي، ومن تعليم وتهذيب أدبيين، وأفكار جديدة، بواسطة المدارس التي أنشأها والشبيبة التي رباها فيها والجواري المتربيات في سراياته التي كان يزوجهن من وجهاء البلد فيدخلن إلى بيوت أزواجهن نظام تلك السرايات ونظافتها وترتيبها؛ وبواسطة مظاهر الحياة الغربية التي نشر معالمها في عاصمتيه، فإنا لا نرى مندوحة عن الاعتراف بأنه، وإن لم يهدم كل المساكن والبيوت، ليجددها - مع أنه، في الحقيقة، هدم وجدد كثيرا منها - فقد غير حالها في الواقع ، وعدل صميمها حقا، تعديلا يصح أن يعتبر تجديدا محضا، فأصبح ينطبق عليه القول الذي صدرنا به هذا الفصل من كتابنا؛ وبتنا نستطيع أن نحكم بأنه غير، حقيقة، عادات أمته، وطرق معيشتها.

ولا أدل على صحة ذلك من التغييرين اللذين طرآ عليها سياسيا واجتماعيا من وراء جميع ما ذكر.

فأما سياسيا، فإن انتشار المعارف والعلوم في البلاد انتشارا واسعا، وتمكن مقتبسيها العديدين من تهذيب عقلياتهم بأفكار مؤلفي الغرب السياسيين والاجتماعيين، من جهة؛ واحتكاك الحياة المصرية، من جهة أخرى، بالحياة الغربية، على ما كانت عليه هذه الحياة من استقلال في مظهرها الجدي، ومن فوضى في مظهرها المعيب؛ فآثاره ذلك الاحتكاك للانفعالات المختلفة في النفوس؛ أكان الباعث إلى إثارتها مظهر تلك الحياة الجدي، أم مظهرها المعيب؛ ومجهودات (إسماعيل) الذاهبة به إلى الفوز بالاستقلال لبلاده، وإلى إقامتها في مصاف الدول الشرقية الكبرى، من جهة ثالثة - وهي المجهودات التي سيأتي بيانها في حينه - وقد كانت بمثابة نار اشتعلت في الأفئدة والعقول؛ وتنازل (إسماعيل) رسميا، من جهة رابعة، عن جانب عظيم من سلطته المطلقة في ميدان التشريع وربط الضرائب، بإنشائه مجلس النواب؛ وفي ميدان القضاء بتأسيسه المحاكم المختلطة، وخضوعه لأحكامها وقراراتها، راضيا أو مكرها، وتضافر الجاليات الأجنبية بمصر، من جهة خامسة، على الإثراء من أسلاب أمير البلد وفلاحيه «بمساعدة المحاكم المختلطة لهم مساعدة عجيبة» كتعبير القاضي الهولندي فيها المسيو ڨان بملن في كتابه المعنون «أوربا ومصر»

14

Shafi da ba'a sani ba