Tarihin Misra a zamanin Khidiwi Ismail

Ilyas Ayyubi d. 1346 AH
158

Tarihin Misra a zamanin Khidiwi Ismail

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

Nau'ikan

وأما الأدب، فقد نشطه (إسماعيل) بما سهل لرجاله من أسباب الرزق في خدمة حكومته، وخدمته الشخصية، وغيرها، فقد قرب إلى ذاته الشاعرين المجيدين عليا أبا النصر المنفلوطي والشيخ علي الليثي، والكاتب الفريد عبد الله فكري باشا؛ وألحق بمعيته عبده الحمولي الموسيقي المغني الشهير، وعهد بتثقيف أبنائه إلى الأستاذ الشيخ عبد الهادي نجا الأبياري، ووهب إبراهيم المويلحي، بعد أن خسر ثروته في التجارة، مالا استرجعها به، ووظف نقولا بك توما في حكومته، حينا، وأدنى من نفسه الدكتور أحمد حسن الرشيدي، وأوعز إليه أن يشتغل؛ فألف كتاب «عمدة المحتاج لعلمي الأدوية والعلاج»، ولما انتقل يوسف الخياط بجوقه التمثيلي من الإسكندرية إلى مصر في سنة 1878، أمر (إسماعيل) أن تفتح له أبواب الأوبرا لتمثيل رواياته فيها، ووعد أن يحضر التمثيل بنفسه، ولكن ذلك الغبي لم يجد رواية في متعلماته يفتتح بتمثيلها الفصل إلا رواية «الظلوم»؛ وكان (إسماعيل) حاضرا: فغضب لما تخللها من ذكر الظلم والظالمين في تلك الأيام العصيبة، التي كانت الحرب فيها، بينه وبين الدائنين الغشومين، عوانا؛ وتوهم بحق أن أولئك الممثلين، بالرغم من أنه غمرهم بفضله، يعرضون به وبأحكامه، انقيادا لإيعازات أعدائه، فاستنقصهم جدا، وحكم بأنهم غير جديرين بالنعمة التي أسبغها عليهم، وأمر بإخراجهم من مصر، فباءوا بعار وخزي عظيمين.

وأما العلم، فلا أدل على اهتمام (إسماعيل) به، وجهاده في سبيل ترقية شئونه من البضع والعشرين بعثة علمية التي سيرها إلى مجاهل إفريقيا الوسطى والشرقية، لاكتشافات علمية متنوعة، سيأتي ذكرها، بالتفصيل، في كلامنا على تحقيقه الشطر الثالث من الخطة التي رسمها لمجهوداته.

وأما المظهر الفردي لتلك النهضة، فتجلى في مجهودات النابغين من المدارس المصرية والسورية على اختلاف أنواعها ومذاهبها، ومن الإرساليات المدرسية إلى البلاد الأجنبية، منذ أيام (محمد علي)، ومباحثهم وأعمالهم وتآليفهم.

فحسين حسني باشا - الذي بدأ حياته العملية بصفة مصحح وكاتب بالتركية في الوقائع الرسمية سنة 1851، وآلت إليه، في نهاية أمره، النظارة على مطبعة بولاق الأميرية سنة 1880 - كان من نوابغ الرجال في الهمة والإقدام، فضلا عن سعة اطلاعه على الرياضيات والميكانيكيات، (علوم الحيل)، وإليه يرجع الفضل في استجلاب معمل الورق لمصر.

ومحمد علي باشا الحكيم، وإبراهيم الدسوقي، كانا أول من أنشأ مجلة طبية في اللغة العربية سنة 1865، دعواها «اليعسوب» وضمناها من المباحث الجليلة، ما ترتوي منه الألباب، وترتاح إليه العقول - ألا ليتها عاشت طويلا!

وأبو السعود أفندي، الذي ترجم عدة كتب تاريخية وغيرها، كان أول من أنشأ جريدة سياسية مصرية، فدعاها «وادي النيل» واستمر يصدرها مرتين في الأسبوع طافحة بالمقالات السياسية والأدبية والعلمية، إلى أن وافته المنية سنة 1878.

وإبراهيم المويلحي، ومحمد عثمان جلال، تلياه في هذا المضمار، وأنشأ في القاهرة في سنة 1869 «جريدة نزهة الأفكار» - وكانت أسبوعية، شديدة اللهجة، فاضطرت الحكومة إلى تعطيلها.

وسعيد صالح بك، ناظر المدارس، أصدر في سنة 1870 مجلة دعاها «روضة المدارس» أخذ يطبعها في مطبعة «وادي النيل» ويوزعها على الطلبة مجانا - وكانت علمية، أدبية، يحررها نخبة من العلماء والأدباء، منهم عبد الله فكري باشا السابق ذكره، وإسماعيل باشا الفلكي، وبدر بك الحكيم، وعلي مبارك باشا، ورفاعة بك، وقدري بك - وهو الذي أصبح، فيما بعد، قدري باشا المشهور بمؤلفاته، وكان كل منهم ينشر فيها مقالات متسلسلة في موضوع واحد كالكتاب المستقل.

وميخائيل عبد السيد أفندي أصدر جريدة «الوطن» في سنة 1877 - وهي أقدم الصحف القبطية - وسليم حموي باشا السوري أصدر جريدة «الكوكب الشرقي» في الإسكندرية سنة 1873؛ ولكنها لم تعش طويلا، وسليم تقلا بك، وبشارة أخوه، السوريان، أصدرا بالإسكندرية في سنة 1876 جريدة «الأهرام»، فنالت حظا وافرا من الرواج والنفوذ؛ ولا تزال تنشر لغاية يومنا هذا، وربما كان لها من اسمها الحظ في البقاء الذي أتعبت الدهور جهودها في حرمان مسماها منه، ولم تفلح .

وأحمد حسن الرشيدي - وهو من كبار نوابغ مدرسة الطب المصرية، وقد سبق الكلام عنه - جاهد في خدمة النهضة التي نحن في شأنها جهاد الأبطال، ترجمة وتأليفا؛ فكان من أكبر أركانها ومن أكثر الأطباء عملا في سبيلها، وهو، وإن يكن من نابغي عصر (محمد علي) إلا أنه قد أدرك زمن (إسماعيل) وألف، في أكثر فنون الطب والطبيعيات والأقرباذين، التآليف الوافية الممتعة.

Shafi da ba'a sani ba