Tarihin Misra a zamanin Khidiwi Ismail
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Nau'ikan
فشجعهم ذلك على فتح مدرسة بالعاصمة في 15 فبراير سنة 1854 فراجت، أيضا، رواجا عظيما، ولما كانت سنة 1859، وهبهم (محمد سعيد باشا) محلهم الحالي بالخرنفش - في أهم الأحياء الوطنية - ونفحهم بثلاثين ألف فرنك، فأدى ذلك إلى نجاحهم، النجاح الذي ما فتئ في ازدياد مطرد، عاما عن عام، لغاية أيامنا هذه.
وكانت مدارسهم، في عهد (إسماعيل)، تضم بين جدرانها، بالإسكندرية، نيفا وستمائة طالب، منهم 230 مجانيون؛ وبمصر، نيفا وثلاثمائة طالب، نصفهم مجانيون؛ وكانت تعلم، مع الفرنساوية، الإيطالية، والعربية، والموسيقى، وأهم العلوم الوضعية.
وكانت مصروفات الداخلية بمدرسة مصر مائة فرنك شهريا؛ وبالإسكندرية ستين فرنكا؛ ومصروفات نصف الداخلية 50 فرنكا شهريا بمصر، و30 بالإسكندرية.
والذي كان يميز المجانية في مدارسهم عنها في مدارس الحكومة، أنها كانت خصيصة بالطلبة الكاثوليكيين دون سواهم، في حال أنها كانت، في الحكومة، عامة، لا تمييز للمذاهب فيها.
أما العازاريون، فبعد أن انفصل الفرير عنهم، طفقوا يعلمون في مدارسهم تعليما قاعدته الطريقة الشهيرة عند الغربيين باسم «كلاسيك» وهي التي قوامها اليونانية القديمة واللاتينية، والآداب المقتبسة من مؤلفات أشهر الكتاب اليونان واللاتين والفرنساويين؛ وأصبحوا يفاخرون ما سواهم بأن ما يتقنه طلبة مدرستهم من اليونانية القديمة لا تباريهم فيه طلبة مدارس أوروبا ذاتها، واشتركوا مع راهبات المحبة، في إنشاء ملجأ للأيتام - كان الأول من نوعه في القطر المصري - حوى اثنين وخمسين يتيما.
واقتدت براهبات المحبة القديسة تريزادي رمپت منشئة «أخوية الراعي الصالح»، وأسست بمصر في 6 يناير سنة 1846 - وهو يوم عيد الغطاس عند الطوائف الغربية، وكان لغاية سنة 1900 يوم عيد الميلاد عند الطوائف الشرقية - بيتا لراهباتها، ليقمن فيه بتربية البنات المصريات، وعلى الأخص اليتيمات والفقيرات منهن، مجانا، فبتن موضوع عناية (محمد علي) وأمراء بيته الرفيع العماد.
فتمكن من التوسع، وفتح مدرسة فخمة، داخلية، بشبرا لبنات الأسرات الغنية، خلاف المدرسة الداخلية المجانية لرغبتهن في المحافظة على شعور الفقيرات من أن ينجرحن باختلاطهن مع الغنيات، ورؤيتهن الهناء في الماديات المحيط بهذه والذي هن محرومات منه.
وحذت الراهبات الكلاريسات؛ أي: الفرنشسكيات، حذو سابقاتهن؛ وأنشأن، في سنة 1859، مدرسة بمصر، بجهة درب رياش، بالقرب من الأزبكية؛ طفقن يعلمن فيها، بنات الطائفة اللاتينية على الأخص؛ وذلك لأن هذه الطائفة كانت ، ولا تزال، تحت رعوية الآباء الفرنشسكيين الروحية؛ وكان من الطبيعي أن ترسل بناتها إلى مدرستهن، لانتمائهن، هن أيضا، إلى ماري فرنسيس دسيزي، مؤسس الرهبنة الفرنشسكية.
فضاقت المدرسة بالمائة والسبع والثلاثين طالبة ويتيمة اللائي ملأنها؛ وحال فقر تلك الراهبات دون التوسع فيها أو إنشاء غيرها، وكان (إسماعيل)، وهو لا يزال ولي عهد السدة المصرية، واقفا على سر حالهن، معجبا بغيرتهن وإقدامهن، فلما آل إليه العرش، نفحهن، في يوم جلوسه عليه، بخمسين ألف فرنك، وقرر لهن تسعين إردبا قمحا، سنويا، فتمكن بذلك من وفاء ديونهن، وتوسيع دائرة مدرستهن بدرب رياش، وفتح مدرسة أخرى ببولاق سنة 1868 ثم غيرها بالمنصورة بعد أربع سنوات؛ أي: في 20 مارس سنة 1872.
ومع أن الغرض الأول المقصود من تأسيس هذه الرهبنات والأخويات مدارسها بالقطر المصري، إنما كان ولا يزال السعي إلى نشر الدين الكاثوليكي الروماني، إلا أن الإنصاف يقضي علينا بأن نعترف مع المستر ماك كون بأنها عملت عملا محمودا على تقدم العلوم في البلاد، وبين طبقات الأمة؛ وأنها وضعت، نصب عينها، التعليم الجيد أولا، ثم السعي إلى نشر الدين، فكان في هذا سر نجاحها، وتوافد الطلبة عليها من كل ملة ونحلة وجنس، وبلوغ عددهم في مدارسها في سنة 1876 نيفا وثلاثة آلاف ومائة وخمسين!
Shafi da ba'a sani ba