301

Misir a Farkon Karni na Sha Tara

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

Nau'ikan

وفي 8 مارس من العام نفسه، نمى إلى الباشا أن ثلاثة من كتبة الأقباط المتقيدين بقياس الأراضي بالمنوفية قد أخذوا البراطيل والرشوات على قياس طين أراضي بعض البلاد، وأنقصوا من القياس فيما ارتوى من الطين، وهي البدعة التي حدثت على الطين الري، وسموها القياسة، فأمر بالقبض عليهم وضربهم وحبسهم.

وسعى المعلم منصور ضريمون، معلم ديوان الجمارك، لدى الباشا لتغييره على المعلم غالي وأعوانه، وقرر الباشا محاسبة المعلم غالي وكبار المباشرين ، فألقى القبض في 16 أكتوبر 1810 على المعلم غالي والمعلم فرنسيس أخيه، والمعلم فلتيوس، والمعلم جرجس الطويل، وباقي أعيان المباشرين، وأنزل المعلمان غالي وفلتيوس إلى بولاق لنفيهما إلى دمياط، بينما حبس الباقون في القلعة، وختموا على دورهم، ووجدوا عند المعلم غالي نيفا وستين جارية بيضاء وسوداء وحبشية، وتقلد المباشرة المعلم منصور ضريمون والمعلم بشارة ورزق الله الصباغ مشاركان معه.

وكانت هذه الإجراءات كافية لأن يبذل المغضوب عليهم قصارى جهدهم للمصالحة على أنفسهم، وسعى الساعون في هذه المصالحة، وأنزل المحبوسون من القلعة إلى بيت إبراهيم بك الدفتردار، ابن الباشا بالأزبكية، وفيهم جرجس الطويل وأخوه حنا وجريس، وفرنسيس أخو غالي، ويعقوب كاتبه، وغيرهم، وأشاعوا عمل حسابهم، ثم دار الشغل، وأفلحت جهود الوسطاء، وتم الأمر على أربعة وعشرين ألف كيس، يدفعها المعلم غالي، ونزل له فرمان الرضا والخلع والبشائر، وذلك في آخر رمضان 1225؛ أي 29 أكتوبر 1810.

وفي اليوم التالي، نزلت طبلخانة الباشا إلى بيت المعلم غالي، واستمروا يضربون النوبة التركية ثلاثة أيام العيد ببيته، وكذلك الطبل الشامي، وباقي الملاعيب، وترمى لهم الخلع والبقاشيش، وأما المعلم غالي فقد حضر في 5 نوفمبر، وطلع إلى القلعة، وخلع عليه الباشا خلع الرضا، وألبسه فروة سمور، وأنعم عليه، ونزل له عن أربعة آلاف كيس من أصل الأربعة وعشرين ألف كيس المطلوبة في المصالحة ونزل المعلم غالي إلى داره وأمامه الجاويشية والأتباع بالعصي المفضضة، وأقبل عليه الأعيان من المسلمين والنصارى للسلام عليه والتهنئة له بالقدوم المبارك، وأما المعلم منصور ضريمون فقد جبروا خاطره بأن قيدوه بخدمة بيت إبراهيم بك، ابن الباشا، الدفتردار، وقيدوا رفيقيه في خدم أخرى.

كائنة حسين أفندي الروزنامجي

ومثلما حاسب الباشا المباشرين، جباة الضرائب، ومحصلي مال الميري، واعتقد فيهم الخيانة، واضطرهم إلى المصالحة على أنفسهم، فقد حاسب كذلك أفندية الروزنامة وكبيرهم، واعتقد فيهم عدم الأمانة، وأخذ منهم الغرامات الفادحة، وتسنى له بهذه الوسيلة أن يستنضح منهم المال، كما استنضحه من المباشرين الأقباط.

والروزنامة، هي المصلحة المكلفة بقيد إيرادات البلاد ومصرفها، ولديها دفتر ميري مال الكشوفية، وعنها تصدر السندات إلى الملتزمين الذين يدفعون المال الميري، وتحفظ سجلات بأسماء هؤلاء وقدر الميري الذي عليهم، ودفتر صرة الأشراف، شريف مكة والمدينة والينبع وأغوات الحرم وأهالي مكة والمدينة، ودفتر جرايات أهالي الحرمين، ودفاتر الجمارك أو الرسوم الجمركية التي على الدواوين (الجمارك) مثل إسكندرية ودمياط ورشيد وبولاق ومصر القديمة، ومال البهار والبحرين (الرسوم الجمركية على الغلال الواردة إلى البحرين وهما ساحلا بولاق ومصر القديمة)، والخردة؛ أي الرسوم المفروضة على الملاحي والمغنيات والحواة ومن إليهم، وغيره. ومن مهام الروزنامة ربط دفاتر الجمكية بمصر إلى العساكر وغيره، وربط قدر جملتها على الصحيح، ثم قيد أطيان الرزق بأسماء أصحابها، إلى غير ذلك. وصفوة القول أن الروزنامة هي المشرفة على الإدارة المالية بالبلاد، ومع أن الروزنامة كان قد بطل عملها على أيام الحملة الفرنسية واستبدل الفرنسيون بها نظاما آخر، وأقاموا لجنة عهدوا إليها ببعض اختصاصات الروزنامة، فقد استأنفت الروزنامة نشاطها عقب خروج الفرنسيين من البلاد.

وكان المقيدون بخدمة الروزنامة، الأفندية، ورئيسهم هو الروزنامجي ومن تحته شاجرتية تلاميذ ثلاثة وكيسدار أو كيسه دار، وهو حافظ أكياس الورق، ويعاون الروزنامجي في الإشراف على أعمال الأفندية، قلفاوات أربعة، ويحاسب كتبة الخزينة سائر الأفندية على ما بعهدتهم من المال الميري، ومن تحت يد المذكورين صيارف يهود ثلاثة، وكان للروزنامجي مرتب ثابت، عدا نصيبه من حساب ما يجمعه ويشتريه أمين أو آغا المشاق؛ أي نسل حبال القنب الذي كانت تطلبه الدولة القسطنطينية وما له من الضرائب التي على الغلال، وعليه أن يدفع في كل سنة في نظير منصبه هذا مال كشوفية كبير؛ أي الضريبة المعروفة باسم ميري الوظائف.

وكان رئيس الروزنامة وقتئذ، حسين أفندي الروزنامجي، وهو صاحب الأجوبة المشهورة على الأسئلة التي وجهها إليه «إستيف»

Estève

Shafi da ba'a sani ba