عثمان: شركسي. (16)
إبراهيم: شركسي. (17)
مراد: شركسي.
ولهذين الأخيرين شأن في هذين التاريخ لأنهما سيتنازعان السلطة بمصر. (18)
محمد.
وكان يعز محمدا أكثر من الجميع وستراه رجلا عقوقا منكرا للجميل. ولما تقلد البكوية لقب بأبي الذهب، فأحب أن يجعل هذا اللقب اسما على مسمى، فتظاهر بالكرم المفرط وبدلا من أن يفرق العطايا بالبارات، فرقها بالأرباع.
أما «علي بك» فكان ساهرا مصلحة البلاد سهرا تاما، وكان مخلصا في أعماله، فطهر البلاد من اللصوص، وسعى جهده في إصلاح شئونها، فساد الأمن فيها بعد أن كانت معرضا للقلاقل والمفاسد. ولم تقف مطامع «علي بك» عند هذا الحد، فإنه رأى من تحامل الواشين بينه وبين ديوان الآستانة، وإيقاع ذوي الأغراض به وبسلطته، ما حمله على السعي في الاستقلال بمصر، وتجريدها من رعاية الدولة العثمانية، لكنه كتم مقاصده، وجعل يسعى في تنفيذها تحت طي الخفاء . (1) مساعيه في سبيل الاستقلال
وأول خطوة خطاها نحو هذه الغاية، أنه انتحل أسبابا بنى عليها عزل مستخدمي الملكية والجهادية ورؤساء الوجاقات، واستبدلهم برجال على دعوته إلا وجاق الإنكشارية فإنه لم يمسه بعد أن تمكن من استبقائه تحت حمايته وسد جميع السبل التي يمكنه بها التطرق إلى مقاومته. وأخر دفع مرتبات الوجاقات الأخرى عمدا، وصار يدفع رواتبهم أقساطا عملة ورق بول كانت تخسر المائة منها تسعين، فكان يربح أرباحا عظيمة باسترجاع الورق بالأثمان البخسة، وصرفه ثانية بثمنه الأصلي. فلما رأت رجال الوجاقات أنهم لا يستولون من ماهياتهم إلا على العشر، كرهوا الاستخدام بالعسكرية، وجعلوا يستقيلون منها شيئا فشيئا ويتعاطون أشغالا أخرى أكثر فائدة لهم.
ثم سعى في تقليل العساكر العثمانية واستخدام المماليك من دعاته حتى صاروا نحو ستة آلاف. وحظر على سائر البكوات والكشاف الذين يخشى تغيرهم عليه أن يقتني أحدهم أكثر من مملوك أو مملوكين. وكان على ولاية مصر إذ ذاك «محمد باشا» فأزعجته إجراءات «علي بك» وخشي عاقبتها، فنصح له أن يقف عند حده، فلم يكترث بقوله، فأقر على مقاومته لأن هذه الإجراءات مضادة لمصلحة الباب العالي. ولكنه لم يكن يستطيع المجاهرة بمقاصده هذه، فأخذ يدسها سرا، واتحد مع من بقي من دعاة «إبراهيم الشركسي» وأجمعوا على الانتقام من «علي بك»، ثم جعلوا يسعون فسادا بين أحزابه واستجلبوا بعضا منهم إلى جانبهم بالمواعيد المبنية على الحسد والطمع. وفي جملة هؤلاء «محمد بك أبو الذهب» الذي طمره «علي بك» بفضله حتى أزوجه ابنته، وكان يناديه كما ينادي أولاده. ولم يكونوا يستطيعون تنفيذ مآربهم جهارا، فأغروا صهره «محمد بك» المذكور بالمال ووعده أنه إذا قتل «علي بك» يتولى المشيخة مكانه، فقبل.
لكنه علم بعدئذ أنه يقصر عن مناوأة «علي بك» واستعظم الجناية، فعدل عنها إلى جناية تقرب منها، وذلك أنه شكى إلى «علي بك» معاملة الباشا له، فأسرع إلى إنقاذه منه، وما انفك عن الباشا حتى أخرجه من مصر، فعاد إلى الآستانة، ولم يزدد «علي بك» إلا ثقة في «محمد بك أبو الذهب» وإخلاصه له، رغم ما كان ينقل إليه عنه من السعي ضده.
Shafi da ba'a sani ba