وقد كان الصقر شعار الملوكية عند الفراعنة، وهو كذلك الآن عند الملوك في أوغندا.
وتحنيط الجثة فن مصري قديم يحتاج إلى علم بالكيمياء والعقاقير، كما يحتاج إلى أقمشة كثيرة تلفف بها المومياء، وقد عجز الزنوج في الكونجو عن الكيمياء والعقاقير، ولكنهم يلففون جثة الملك أو الأمير بأقمشة كثيرة هي المظهر الخارجي للتحنيط.
والآلات الموسيقية التي تستعمل في أفريقيا الغربية الآن هي نفسها الآلات المصرية القديمة، وهنا يجب أن نقرر أن المسألة ليست مسألة مشابهة بل مطابقة.
زوجة طهراقة فرعوني مصر تضرب الجهات الأربع كما يفعل الآن بعض ملوك الزنوج. •••
وقد نشأت المملكة الميروئية في الجزء الشمالي من السودان واتصلت بالحبشة، وكانت هذه المملكة طبعة أخرى للمدنية المصرية ووسيلة لنقلها وتوزيعها في الأقطار المحيطة، فعرف بناء الهرم في السودان كما عرفت الربة هاتور ونقلت بالطبع عادات مصرية كما درست الثقافة المصرية.
ومما يجب أن يلاحظ هنا أننا نجد العادات أو الشعائر المصرية التي شاعت بين الزنوج في أفريقيا تحتفظ احتفاظا عجيبا بمسحتها البدائية، حتى لقد ترتقي في مصر بعد ذلك وتتخلص منها أو ترتقي بها إلى طور أعلى فتبقى هي بين الزنوج على أصلها الذي زال من مصر، وليس هذا مقصورا على الزنوج بل هو عام بين جميع الأمم أو القبائل الراكدة التي تفشت بينها ثقافة مصر القديمة.
ففي مصر قبل الأسرة الخامسة كان اعتقاد خلود الروح والتمتع بالعالم الآخر مقصورا على الملوك والأمراء والكهنة، ثم ثار الشعب وطلب تعميم هذا الحق، ولكنا ما زلنا نجد الاعتقاد القديم قائما في بعض أنحاء أفريقيا وآسيا.
وفي مصر كان الاعتقاد القديم أيضا يقول بالتضحية البشرية، وقد زال هذا الاعتقاد قبل الأسرة الأولى، ولكن هذه التضحية عرفت في شمال السودان حتى حين كان الحاكم واليا مصريا موفدا من مصر.
بل هناك ما يدعو إلى الظن بأن فرعون مصر في الأزمنة البعيدة أو بكلمة أصح ذلك الأمير أو الرئيس الذي سبق عصر الفراعنة كان يعد من الآلهة، وأنه كان يقتل إذا ظهرت عليه أمارات الشيخوخة؛ وذلك لأن المهمة الأصلية له هي الزرع، وصحة الزرع كانت تتوقف على صحته وقوته، فإذا ألم به الضعف من مرض أو شيخوخة قتل حتى يقوم بمهمته شاب يتمتع بالصحة والقوة.
وارتقت مصر من التضحية البشرية ومن قتل الأمير، وصار الفراعنة يبعثون البعثات للبحث عن الذهب والجواهر التي تديم الشباب والقوة ويضعونها في قبورهم لهذا الغرض نفسه.
Shafi da ba'a sani ba