Mishkalat Al Thaqafa
مشكلة الثقافة
Bincike
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Mai Buga Littafi
دار الفكر
Lambar Fassara
١٤٢٠هـ = ٢٠٠٠م ط٤
Inda aka buga
دمشق سورية
Nau'ikan
ويكفينا للتدليل على ذلك ما نراه مثلًا من شأن ذلك الطفل الذي يلبس الأسمال البالية والثياب القذرة، التي إن شئنا وصفها لقلنا إنها ثياب حيكت من قاذورات وجراثيم، إن مثل هذا الطفل الذي يعيش جسده وسط هذه القاذورات والرقعات غير المتناسبة، يحمل في المجتمع صورة القبح والتعاسة معًا، بينما هو جزء من ملايين السواعد والعقول التي تحرك التاريخ، لكنه لا يحرك شيئًا لأن نفسه قد دفنت في أوساخه، ولن تكفينا عشرات من الخطب السياسية لتغيير ما به من القبح وما يحتويه من الضعة النفسية والبؤس الشنيع.
فهذا الطفل لا يعبر عن فقرنا المسلم به بل عن تفريطنا في حياتنا.
ولنستخدم أبسط معنى للمجال ولننظر من قريب إلى أسمال هذا الطفل، فهي على كونها أسمالًا تحمل أكثر من ذلك جراثيم تقتله ماديًا وأدبيًا، فليست هذه الأسمال جرابًا للوسخ فحسب وإنما هي سجن لنفس الطفل أيضًا.
أما من الوجهة الخلقية فقد أراد الطفل ستر عورته لكن مرقعاته قتلت كرامته، لأن العدالة الشكلية تذهب أحيانًا إلى أن (الجبة) تصنع الشيخ.
وليس من شك في أن (مصطفى كمال) حينما فرض القبعة لباسًا وطنيًا للشعب إنما أراد بذلك تغيير نفس لا تغيير ملبس، إذ أن الملبس يحكم تصرفات الإنسان إلى حد بعيد.
فإذا ما لاحظنا أن مرقعات طفلنا قد أصبحت بما تحمل من أوساخ لا تقيه البرد أو الحر، وجدنا أيضًا أنها لا تستدر في الإنسان عطفًا، بل تثير فيه اشمئزازًا، وذلك بتأثير الصور الشنيعة والرائحة الكريهة والألوان المتنافرة.
وإن دستور الجمال في النفس الإنسانية ليعبر عن هذه المأساة كلها بكلمة واحدة: إنه لمنظر قبيح. إلا أنه لا يقف عند هذا الحد بل يوحي بالحل والمعالجة
1 / 83