في أن الحاصل لهم بطريق التلقي لا يقبل الشك والتردد، وإذا لم يتبع دليل المشكك في مثله وأعتقد خلافه، قام الاحتمال في الكل.
50 - 2 السادس: ان حقائق الأشياء في الحضرة العلمية بسيطة فلا يدركها على نحو تعينها فيها الا من حيث أحديتها، (1) وذلك متعذر، إذ لا نعلم شيئا الا من حيث اتصاف أعياننا بالوجود وقيام الحياة والعلم بنا، وارتفاع الموانع الحائلة بيننا وبين ما نروم ادراكه، فهذا أقل ما يتوقف معرفتنا عليه، وهذه جمعية كثيرة، فالبسيط لا يدركه الا بسيط، فلا نعلم من الحقائق الا صفاتها من حيث هي صفات - لا من حيث حقائقها لما مر - وقد اعترف به الرئيس ابن سينا. وصفاتها متعددة ومتفاوتة قربا وبعدا، ولذلك أيضا تفاوت علوم الناس، فالعلم بالحقائق متعذر الا من الوجه الخاص بارتفاع حكم النسب والقيود الكونية من العارف حال تحققه بمقام: كنت سمعه وبصره، ومن احكام هذا السر اسرار اخر غامضة، منها: حكم تجلى الحق الساري في حقائق الممكنات، وإليه يشير قول الشيخ الكبير رضي الله عنه:
ولست أدرك من شئ حقيقته وكيف أدركه وأنتم فيه؟
51 - 2 السابع: وأقول: انه يؤيد الوجه السادس ما اعترف به أهل الميزان بأسرهم: ان البسائط لا تحد والرسم لا يعرف كنه الحقيقة، ومعرفة المركب فرع معرفة بسائطه، إذ كل مركب ينحل إليها في الوجودين الذهني والخارجي بحسب التركيب، وإذ لا موقوف عليه، فلا موقوف، فلا علم بالحقائق أصلا.
Shafi 34