(و) (١) ممّن عرفت وقد نقل من جميع هذه الكتب فربّما يجيء الإسناد فيُعْلم من حديث غيره أنّه متّصل، ولا يتبيّنه السامع إلَّا بأن يعلم الأحاديثَ فيكون (٢) له فيه معرفة فيقف عليه، مثل ما يُروى عن ابن جريج قال: أخْبِرت عن الزّهري، ويرويه البُرْساني عن ابن جريج عن الزهري. فالذي يسمع يظنّ أنّه متّصل ولا يصحّ بينهم، (فإنما تركناه لذلك لأنّ) (٣) أصل الحديث غير متّصل ولا يصحّ، وهو حديث معلول. ومثل هذا كثير، والذي لا يعلم يقول قد تَرَكَ حديثًا صحيحًا من هذا أو جاء بحديث معلول.
وإنمّا لم أصنّف (في كتاب السّنن) (٤) إلَّا الأحكام، ولم أصنّف كتب الزّهد وفضائل الأَعْمال وغيرها، فهذه (أربعة) (٥) آلاف والثمانمائة كلّها في الأحكام، فأمّا أحاديث كثيرة صحاح من الزهد والفضائل وغيرها في غير هذا لم أخرّجها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". انتهت الرسالة.
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: كان (٦) أبو داود قد سكن البصرة وقدم بغداد غير مرّة، وروى كتابه السُّنن بها ونقله عنه أهلها.
ويُقال: إنّه صنّفه قديمًا وعرضه على أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه. وقال الخطّابي: كتاب السّنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنّف في علم الدّين كتاب مثله، وقد رزق القبول من كافّة الناس وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وعليه معوّل أهل العراق ومصر وبلاد المغرب وكثير
_________
(١) غير موجود في ج.
(٢) في أ: "ويكون".
(٣) في ج: "فإنّما تركنا ذلك إنّما هو لأنّ".
(٤) في ب: "من كتابي السنن".
(٥) في أ: "الأربعة".
(٦) في ج: "وكان".
1 / 29