252

Miraƙan Maƙullin

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

Inda aka buga

بيروت - لبنان

(رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ)، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَابْنُ مَاجَهْ إِلَّا أَنَّهُمَا)، أَيِ: التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ (لَمْ يَذْكُرَا الصَّلَاةَ)، أَيْ: لَمْ يُورِدَا أَوَّلَ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُ الْعِرْبَاضِ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ " بَلْ قَالَا: " وَعَظَنَا كَمَا فِي " الْمَصَابِيحِ "، فَإِنَّهُ افْتَتَحَ بِقَوْلِهِ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
١٦٦ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: «خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَطًّا. ثُمَّ قَالَ: " هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ "، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَقَالَ: " هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ "، وَقَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: ١٥٣] الْآيَةَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ.
ــ
١٦٦ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَطَّ لَنَا)، أَيْ: لِأَجْلِنَا تَعْلِيمًا وَتَفْهِيمًا وَتَقْرِيبًا لِأَنَّ التَّمْثِيلَ يَجْعَلُ الْمَقْصُودَ مِنَ الْمَعْنَى كَالْمَحْسُوسِ مِنَ الْمُشَاهَدِ فِي الْمَبْنَى (رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَطًّا)، أَيْ: مُسْتَوِيًا مُسْتَقِيمًا (ثُمَّ قَالَ: (هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ)، أَيْ: هَذَا الرَّأْيُ الْقَوِيمُ وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَهُمَا الِاعْتِقَادُ الْحَقُّ وَالْعَمَلُ الصَّالِحِ، وَهَذَا الْخَطُّ لَمَّا كَانَ مِثَالًا سَمَّاهُ سَبِيلَ اللَّهِ. كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هَذَا هُوَ الْخَطُّ الْمُسْتَوِي، وَالتَّقْدِيرُ: هَذَا مَثَلُ سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ مَثَلًا، وَقِيلَ: تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ مَعْكُوسٌ أَيْ سَبِيلُ اللَّهِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَأَصْحَابُهُ مِثْلُ الْخَطِّ فِي كَوْنِهِ عَلَى غَايَةِ الِاسْتِقَامَةِ (ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا)، أَيْ: سَبْعَةً صِغَارًا مُنْحَرِفَةً (عَنْ يَمِينِهِ)، أَيْ: عَنْ يَمِينِ الْخَطِّ الْمُسْتَوِي (وَعَنْ شِمَالِهِ): كَذَلِكَ (وَقَالَ: (هَذِهِ)، أَيِ: الْخُطُوطُ (سُبُلٌ)، أَيْ: غَيْرُ سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ سَبِيلٌ لِلشَّيْطَانِ لِقَوْلِهِ (عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ)، أَيْ: رَأْسِهِ (مِنْهَا)، أَيْ: مِنَ السُّبُلِ (شَيْطَانٌ): مِنَ الشَّيَاطِينِ (" يَدْعُو ") ذَلِكَ الشَّيْطَانُ النَّاسَ (إِلَيْهِ)، أَيْ: إِلَى سَبِيلٍ مِنَ السُّبُلِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ وَسَطٌ لَيْسَ فِيهِ تَفْرِيطٌ وَلَا إِفْرَاطٌ، بَلْ فِيهِ التَّوْحِيدُ وَالِاسْتِقَامَةُ وَمُرَاعَاةُ الْجَانِبَيْنِ فِي الْجَادَّةِ، وَسُبُلُ أَهْلِ الْبِدَعِ مَائِلَةٌ إِلَى الْجَوَانِبِ، وَفِيهَا تَقْصِيرٌ وَغُلُوٌّ وَمَيْلٌ وَانْحِرَافٌ وَتَعَدُّدٌ وَاخْتِلَافٌ، كَالْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَالْمُشَبِّهَةِ. (وَقَرَأَ)، أَيْ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ حِكَايَةً عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَنَّ هَذَا: بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، وَتَقْدِيرُهُ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ، أَوْ يُقَدَّرُ اللَّامُ، وَبِالْكَسْرِ اسْتِئْنَافٌ، وَبِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَى أَنَّ فِيهِ ضَمِيرَ الْقِصَّةِ وَهَذَا رَفْعٌ وَقَوْلُهُ: صِرَاطِي خَبَرٌ وَهُوَ بِسُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا ﴿صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا﴾ [الأنعام: ١٥٣] نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَعْنَى التَّنْبِيهِ أَوِ الْإِشَارَةِ فَاتَّبِعُوهُ، أَيْ: صِرَاطِي وَسَبِيلِي (الْآيَةَ): بَعْدَهَا ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ [الأنعام: ١٥٣] أَيْ سُبُلَ الشَّيَاطِينِ الْمُنْحَرِفَةَ الزَّائِغَةَ الْمُتَشَعِّبَةَ مِنْ طُرُقِ الشِّرْكِ وَالْبِدْعَةِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا ﷺ بِقَوْلِهِ: " «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا الَّتِي عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ أَنَا وَأَصْحَابِي» " وَبِهَذَا الْحَدِيثِ يَنْدَفِعُ زَعْمُ كُلِّ فَرِيقٍ أَنَّهُ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ عَنْ سَبِيلِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُ سَبِيلِ الْحَقِّ مَعَ السُّبُلِ الْبَاطِلَةِ. ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٣]، أَيِ: اللَّهُ ﴿بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣] أَيْ لِكَيْ تَتَّقُوهُ، أَيْ: عَذَابَهُ أَوْ مُخَالَفَتَهُ أَوْ سَبِيلَ غَيْرِهِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ) .

1 / 254