Miraƙan Maƙullin
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Mai Buga Littafi
دار الفكر
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
Inda aka buga
بيروت - لبنان
وَالْجَسَدِ»، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [الأحزاب: ٧] أَيْ: عَظِيمًا مُؤَكَّدًا يَسْأَلُ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الْمِيثَاقَ الْخَاصَّ هُوَ الْعَهْدُ بِالصِّدْقِ، وَالْإِخْلَاصِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مِيثَاقَ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّمَا هُوَ مُظَاهَرَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِالْإِيمَانِ، وَالتَّصْدِيقِ، وَالنُّصْرَةِ، وَالْمُعَاوَنَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ [آل عمران: ٨١] أَيْ: عَهْدِي ﴿قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٨١] وَهَذَا الْمِيثَاقُ الْخَاصُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْعَامِ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ فِي عَالَمِ الْأَرْوَاحِ تَعْظِيمًا لَهُمْ، وَتَكْرِيمًا، وَلِذَا قَالَ ﵊: («كُنْتُ نَبِيًّا، وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ، وَالْجَسَدِ») . . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (كَانَ) أَيْ: عِيسَى (فِي تِلْكَ الْأَرْوَاحِ، فَأَرْسَلَهُ) أَيْ: رُوحَهُ، وَهُوَ يُذَكَّرُ، وَيُؤَنَّثُ يَعْنِي مَعَ جِبْرِيلَ ﵊ (إِلَى مَرْيَمَ ﵉: بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ هُوَ الصَّحِيحُ (فَحُدِّثَ): بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: رُوِيَ (عَنْ أُبَيٍّ أَنَّهُ دَخَلَ) أَيِ: الرُّوحُ إِلَى جَوْفِهَا، ثُمَّ رَحِمِهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الرُّوحَ بِتَأْوِيلِ الْمَنْفُوخِ، أَوْ عِيسَى كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِي " الْقَامُوسِ " الرُّوحُ بِالضَّمِّ مَا بِهِ حَيَاةُ الْأَنْفُسِ، وَيُؤَنَّثُ اهـ.
فَجُعِلَ التَّذْكِيرُ أَصْلًا كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي اللَّفْظِ. (مِنْ فِيهَا) أَيْ: مِنْ فَمِهَا كَذَا قَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ﴾ [التحريم: ١٢] أَيْ: فِي فِيهَا، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ (فِيهَا) أَيْ: فِي مَرْيَمَ، وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ فِي فَمِهَا، أَوْ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِفَرْضِ ثُبُوتِهَا بِأَنَّ بَعْضَ تِلْكَ النَّفْخَةِ دَخَلَتْ مِنْ جَيْبِهَا، وَبَعْضَهَا مِنْ فَمِهَا، وَتَخْصِيصُ عِيسَى، وَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ: دَخَلَ مِنْ فِيهَا تَسْجِيلٌ عَلَى النَّصَارَى بِرَكَاكَةِ عُقُولِهِمْ أَيْ: كَيْفَ يُتَّخَذُ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ هَذَا حَالُهُ كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ﴾ [المائدة: ٧٥] قِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ: يَبُولَانِ، وَيَغُوطَانِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
١٢٣ - «وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ﵁، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَتَذَاكَرُ مَا يَكُونُ، إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِجَبَلٍ زَالَ عَنْ مَكَانِهِ فَصَدِّقُوهُ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَجُلٍ تَغَيَّرَ عَنْ خُلُقِهِ فَلَا تُصَدِّقُوا بِهِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَى مَا جُبِلَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ــ
١٢٣ - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَتَذَاكَرُ) أَيْ: مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَوْ مَعَ بَعْضِنَا بِحَضْرَتِهِ، وَهُوَ يَسْمَعُ (مَا يَكُونُ) مَا: مَوْصُولَةٌ أَيِ: الَّذِي يَحْدُثُ مِنَ الْحَوَادِثِ أَهُوَ شَيْءٌ مَقْضِيٌّ مَفْرُوغٌ مِنْهُ فَتُوجَدَ تِلْكَ الْحَوَادِثُ عَلَى طَبَقَةٍ، أَوْ شَيْءٍ يُوجَدُ آنِفًا مِنْ غَيْرِ سَبْقِ قَضَائِهِ؟ (إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: («إِذَا سَمِعْتُمْ بِجَبَلٍ زَالَ عَنْ مَكَانِهِ فَصَدِّقُوهُ»)، أَيْ: لِإِمْكَانِهِ، بَلْ حُكِيَ وُقُوعُهُ كَمَا قِيلَ: إِنَّ بَعْضَ جِبَالِ الْمَغْرِبِ سَارَ عَنْ مَحَلِّهِ مَسَافَةً طَوِيلَةً («وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَجُلٍ تَغَيَّرَ عَنْ خُلُقِهِ»): بِضَمِّ اللَّامِ، وَتُسَكَّنُ أَيْ: خُلُقِهِ الْأَصْلِيِّ بِالْكُلِّيِّ (فَلَا تُصَدِّقُوا بِهِ) أَيْ: بِالْخَبَرِ عَنْهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ عَادَةً، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
1 / 200