179

Miraƙan Maƙullin

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

Mai Buga Littafi

دار الفكر

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

Inda aka buga

بيروت - لبنان

(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ): عَدَّهُ فِي الْخُلَاصَةِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ لَكِنْ قَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. قَالَ صَاحِبُ الْأَزْهَارِ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَكَتَبَ مَوْلَانَا زَادَهْ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَيْضًا أَنَّ رُوَاتَهُ مَجْهُولُونَ كَذَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ، وَقَالَ الْفَيْرُوزَابَادِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي ذَمِّ الْمُرْجِئَةِ، وَالْقَدَرِيَّةِ حَدِيثٌ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ، وَالْخَطِيبُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَنَسٍ، وَلَفْظُهُ: («صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَا تَنَالُهُمْ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُرْجِئَةُ، وَالْقَدَرِيَّةُ» .
١٠٦ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: " «يَكُونُ فِي أُمَّتِي خَسْفٌ، وَمَسْخٌ، وَذَلِكَ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ.
ــ
١٠٦ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ) ﵄ (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (يَكُونُ فِي أُمَّتِي) أَيْ: أُمَّةِ الْإِجَابَةِ (خَسْفٌ، وَمَسْخٌ) يُقَالُ: خَسَفَ اللَّهُ بِهِ؛ أَيْ: غَابَ بِهِ فِي الْأَرْضِ، وَالْمَسْخُ تَحْوِيلُ صُورَةٍ إِلَى مَا هُوَ أَقْبَحُ مِنْهَا، (وَذَلِكَ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنَ الْخَسْفِ وَالْمَسْخِ وَاقِعٌ، (فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ): بِهَذَا الْحَدِيثِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ الْمَذْمُومَةَ إِنَّمَا هُمُ الْمُكَذِّبَةُ بِالْقَدَرِ لَا الْمُؤْمِنَةُ بِهِ كَمَا زَعَمَتِ الْمُعْتَزِلَةُ، وَنَسَبُوا أَهْلَ السُّنَّةِ، وَالْجَمَاعَةِ إِلَى الْقَدَرِيَّةِ لِمَا هُوَ مُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ بِالْجَبْرِيَّةِ، وَإِنَّمَا عَاقَبَهُمُ اللَّهُ بِهِمَا لِإِضَافَتِهِمَا الْكَوَائِنَ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ مَحَقُوا خَلْقَ اللَّهِ، وَمَسَخُوا صُوَرَ خَلْقِهِ، فَجَازَاهُمُ اللَّهُ. بِمَحْقٍ وَمَسْخٍ. قَالَ الْأَشْرَفُ: مَعْنَى الْحَدِيثِ إِنْ يَكُنْ مَسْخٌ، وَخَسْفٌ يَكُونَا فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: لَعَلَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ الْمَرْحُومَةَ مَأْمُونَةٌ مِنْهُمَا، فَأَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الشَّرْطِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَيْ فِي الْحَدِيثِ؛ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا سَبَقَ؛ أَيْ: مِنَ الْخَسْفِ وَالْمَسْخِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنَ التَّكْذِيبِ، وَقَدْ سَبَقَ عَنِ التُّورِبِشْتِيِّ: أَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ الشَّرْطِ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ ذَهَبَ إِلَى وُقُوعِ الْخَسْفِ، وَالْمَسْخِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ قَالَ: قَدْ يَكُونَانِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأُمَمِ خِلَافُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِنَّمَا مَسْخُهَا بِقُلُوبِهَا؛ ذَكَرَهُ فِي أَعْلَامِ السُّنَنِ: قِيلَ الْمُرَادُ بِالْخَسْفِ الْإِذْهَابُ فِي الْأَرْضِ كَمَا فُعِلَ بِقَارُونَ وَأَمْوَالِهِ، وَبِالْمَسْخِ تَبْدِيلُ الْأَبْدَانِ إِلَى الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَغَيْرِهِمَا، كَمَا فُعِلَ بِقَوْمِ دَاوُدَ وَعِيسَى، قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْخَسْفِ تَسْوِيدُ الْوَجْهِ وَالْأَبْدَانِ مَأْخُوذٌ مِنْ خُسُوفِ الْقَمَرِ، وَبِالْمَسْخِ تَسْوِيدُ قُلُوبِهِمْ وَإِذْهَابُ مَعْرِفِتِهُمْ، وَإِدْخَالُ الْقَسَاوَةِ وَالْجَهْلِ، وَالتَّكَبُّرِ فِيهَا، كَذَا ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَسْخُهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِتَسْوِيدِ وُجُوهِهِمَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: ١٠٦]؛ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ ﴿وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: ١٠٦]؛ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ، وَخَسْفُهُمَا انْهِيَارُهُمَا مِنَ الصِّرَاطِ فِي النَّارِ، أَوْ نُزُولُهُمَا فِي قَعْرِ دَارِ الْبَوَارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْأَسْرَارِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)؛ أَيْ: بِهَذَا اللَّفْظِ، (وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ) أَيْ: بِالْمَعْنَى.

1 / 181