بها. ليس فيها أي حصن ولا يمكن لها أن تقاوم طويلا. وإنني لأذكر هذا الحادث وأترك الحكم فيه للأجيال المقبلة.
لقد خضع سكان البليدة للفرسيين على رغم أنف جيرانهم سكان الجبل، ثم أن الفرنسيين تركوهم فريسة للأحقاد، يموتون دون أن يقدموا لهم وسيلة للدفاع عن أنفسهم.
وكل هذه الأعمال التخريبية الهدامة معروفة ويزداد انتشارها من يوم لآخر في كامل أنحاء الإيالة.
ان هذا البلد، كأنه سلسلة في إحساسه بالخير والشر، يكفي أن تمس حلقة واحدة لتقوم الباقية برد الفعل. وهكذا، فإن الانطباعات التي تنتح عن تصرفات الحكام تسري حينا وإلى كل مكان، لكن، مع الأسف، فإن جزءا من الإنسانية وحده هو الذي يرزح تحت عبء كل ما يمكن تصوره من الشرور.
ولكي أعود إلى وصف الخيم، فعلى الرغم من أنني لم أتجول في هذه الدوارير التابعة للشيخ الشهم الكبير الذوادي ابن قانه، خال الحاج أحمد، باي قسنطينة، أستطيع القول بأنها رحبة ومقامة بأناقة وأبهة. وعلى كل مدخل تجد الخيل الجميلة مربوطة. ولقد سألت عن عدد الفرسان الذين يمكن تجنيدهم عند أول إشارة، وكان الجواب أن الشيخ ابن قانه يستطيع الاعتماد على عشرة آلاف فارس. ولا أعتقد أن في هذا العدد مبالغة، لأن مجموع الخيم يزيد عن العشرة آلاف وإذا فرضنا أن كل خيمة يمكن لها أن تجهز فارسا واحدا وجدنا بكل سهولة العدد المطلوب، أما أنا، فإني أعتقد أنه بالإمكان، عند الحاجة، مضاعفة العدد، وذلك نظرا لكثرة ما يملكه هؤلاء السكان من
1 / 44