نظرت إلي بإشفاق ثم تشجعت قائلة: لم تكن في الحقيقة خطيبته، إنها امرأة ساقطة. - الخيانة هي الخيانة على أي حال.
وقع القول من مسمعي موقعا غريبا فاجعا فوجدت له في فمي طعم السم وعواقبه. وحنقت على سرحان ضمن حنقي على نفسي فلعنته ألف لعنة.
وعندما جاءتني في نفس الموعد بعد ذلك بأيام قالت لي بروح مرحة عالية: أستاذ .. هل أبوح لك بسر؟
نظرت إليها مستطلعا، ومتوقعا المزيد عن علاقتها بسرحان ولكنها قالت لي: سأتعلم.
لم أفهم في الواقع شيئا، وظللت أنظر إليها مستطلعا. فقالت: اتفقت مع جارتنا ست علية محمد المدرسة على تعليمي.
ذهلت .. وهتفت: حقا؟ - نعم .. اتفقنا على كل شيء.
شيء رائع يا زهرة، كيف فكرت في ذلك؟
قالت بفخار: فكرت فيه بنفسي. - نعم .. ولكن ماذا جعلك تفكرين فيه؟ - قلت لن أبقى جاهلة إلى الأبد، ثم إن لي غرضا آخر. - غرض آخر؟ - نعم .. سأتعلم مهنة!
رمقتها بإكبار وسعادة وهتفت: رائع .. رائع .. رائع يا زهرة.
لبثت منفعلا بالسعادة والإكبار وأنا منفرد بنفسي في الحجرة المغلقة. كان المطر يهطل، وهدير الأمواج يتتابع في دفعات مدوية متقطعة راطنا بلغته المجهولة. ثم مضى الانفعال يهدأ وينخفض ويبرد حتى انداح في مستنقع من ماء آسن يغشاه زبد الكآبة. إن الصعود يذكر بالهبوط، والقوة بالضعف، والبراءة بالعفن، والأمل باليأس. وللمرة الثانية لم أجد من أصب عليه جام غضبي إلا شخصية سرحان البحيري. •••
Shafi da ba'a sani ba