ونحو ذلك: ما نهي (1) النبي (- صلى الله عليه وسلم -) عن بيع ما ليس معك، ثم خص من جملته: السلم، وهو السلف، وهو بيع الإنسان ما ليس معه.
وقال الشيخ عثمان بن أبي عبد الله الأصم (رحمه الله): وجدت في الآثار، أنه لا يجوز لأحد أن يفتي أحدا بالمطلق في موضع المقيد، ولا بالمقيد في موضع المطلق، ولا بالمجمل في موضع المفصل، ولا بالمفصل في موضع المجمل، ولا الناسخ في موضوع المنسوخ، ولا المنسوخ في موضع الناسخ.
وقد قال المسلمون: إن المفسر يقضي علي المجمل، ولا يجوز العمل بالمجمل عند المفسر، فإن اغتر أحد بقول المسلمين، أنه جائز الأخذ باختلاف المسلمين في الفروع، فإن ذلك ليس في المجمل والمفسر. والله أعلم وبه التوفيق.
***
القول السادس
في أصول علم الدين، ومعرفة الإجماع، والقياس
وبيان ذلك
وأصول الدين: هو ما جاء فيه حكم من كتاب الله تعالي، ومن سنة نبيه محمد(- صلى الله عليه وسلم -)، أو من إجماع المهتدين من علماء الأمة.
فإذا حكم الحاكم، وأفتي المفتي بقول يوافق هذه الأصول الثلاثة، أو ما يشبهها [أ] وما هو مثلها، فلا يجوز لغيره أن يقول بخلافه، وهو المصدق علي جميع من قال بخلافه، ولو خالفه جميع أهل الأرض كلهم.
وقيل: الأصل ما عرف به حكم غيره، والفرع ما عرف حكمه بغيره، وقيل: الأصل مقدمة العلوم، والفرع بنتيجة.
فالواجب علي من أراد النفقة في العلم- أن يعرف أصول الفقه وأمهاته، ليكون بناؤه علي أصول صحيحة، ليجعل كل حكم في موضعه، ويجريه علي سنته، ويستدل علي ذلك بالأدلة الصحيحة، والاحتياجات الواضحة، وألا يسمي العلة دليلا، ولا الدليل علة، ولا الحجة علة، وليفرق بين معاني ذلك، ليعلم افتراق حكم المفترق، واتفاق المتفق.
فما وجد في الأصول الثلاثة وهي : الكتاب، والسنة، والإجماع، فهو أصل، وما لم يوجد، فهو فرع، ويقاس عليهن ما لم يذكر في أحدهن.
Shafi 60