وأما الإضمار: فمثل قوله تعالي: " حرمت عليكم أمهاتكم " أي: تزويج أمهاتكم؛ وأما الكتابة فقوله تعالي: " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " ومثل قوله: "أو جاء أحد منكم من الغائط" ، فذكر الموضع وأكني عن السبب الذي يكون فيه، وكذلك العذرة: هي فتاه الدار سميت للأنجاس التي تلقي فيها باسم المكان.
ومن لطيف الكناية - ما ذكر الله تعالي في كتابه ردا على من قال من النصاري: إن عيسى هو الله، فقال الله تعالي: " ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام " فكني بذكر الأكل عن ذكر البول، والغائط؛ لأن من يأكل ويشرب، يبول، ويتغوط، ومما يدخل في هذا المعني ما روي(1) عن النبي (صلي الله عليه وسلم): أنه كان إذا أراد قضاء حاجة الإنسان ضرب في الأرض، فأبعد المذهب.
وأما الإضمار فمثل قوله تعالي: " واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها " يعني : أهل القرية، وأهل العير.
وكذلك قوله تعالي: " ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة " أي: ظهر الأرض، وكذلك قوله تعالي: " واختار موسى قومه " أي: من قومه " سبعين رجلا "، وكذلك قوله. " حتى توارت بالحجاب "؛ يريد الشمس، وكذلك قوله تعالي: " فأوحينا إلى موسى، أن اضرب بعصاك البحر ، فانفلق "، فأضمر فضربه فانفلق.
ومثل هذا في القرآن، وفي كلام العرب كثير.
فصل:
Shafi 189