العلم أنيس في الوحشة، وصديق في الغربة، ومحدث في الخلوة، وصاحب في السراء والضراء، وزين عند الأخلاء، وسلاح على الأعداء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير أئمة تقتص آثارهم، ويقتدي بأفعالهم وينتهي إلى رأيهم وقال صلي الله عليه وسلم: العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والرفق أخوه، والبر والده، والصبر أمير جنوده.
وينبغي لطالب العلم أن يجتهد في طلبه، ولا يدخله فتور ولا ملل، ولا يدخله حياء في محفل، ولا يرق وجهه عند السؤال، وقيل لبعض ملوك العجم: أيحسن للشيخ التكبير أن يتعلم؟ قال: ما حسنت الحياة فالعلم يحسن، وقيل: كتب رجل لأبنه يا بني: أطلب العلم؛ فإنه خير لك من أبيك وأمك؛ فإن استغنيت كان لك جمالا، وإن افتقرت كان لك ثروة ومالا.
وكتب رجل إلى أخيه، إنك قد أوتيت علما أنار الله به قلبك؛ فلا تطفئ نور علمك بالذنوب؛ فتكون في الظلمة يوم يسعي أهل العلم بما آتاهم الله فتكون من الخاسرين.
وقيل لرجل: ما بلغ بك حبك للعلم؟ فقال: إذا اغتممت أسلاني؛ وإذا غضبت كفاني؛ وإذا شكوت إليه دلني وأشكاني؛ وإذا دهمني أمر خلصني.
وقيل: كتب رجل إلى عبد الله بن عمر، أن أكتب لي بالعلم كله؛ فكتب إليه عبد الله بن عمر:
العلم كثير ولكن إن استطعت أن تلقي الله خميص البطن من أموال الناس سليم الظهر من دمائهم، كافا لسانك عن أعراضهم، لازما لجماعتهم - فأفعل. جمع له مجامع العلم، ومحاسن الأدب في أربع كلمات.
وقيل: للعالم خصال يعرف بها، ويمتاز بها من غيرهك يحلم عمن ظلمه، ويتواضع لمن دونه، ويسابق من هو فوقه، وإن رأي باب معروف انتهزه، ولا يفارقه الخوف، إن تكلم غنم، وإن سكت سلم، وإن عرضت له فتنة اعتصم بالله عز وجل.
وقيل: العلم ذكر يحبه ذكور الرجال، ويبغضه إنائهم، وقيل: العالم ذهب والمتعلم فضة، والجاهل نحاس لا خير فيه، وقيل: لا يحب العلم إلا من أحبه الله، ولا يبغضه إلا من أبغضه الله، وقيل: لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلا.
فصل:
Shafi 21