وروي ابن عباس عن النبي (صلي الله عليه وسلم) أنه قال: "صحبة العلماء دين، ومجالستهم كرم، والنظر إليهم عبادة، والمشي معهم فخر، ومخالطتهم عز، والأكل معهم شفاء، تنزل عليهم ثلاثون رحمة، وعلى غيرهم رحمة واحدة، هم أولياء الله طوبي لمن خالطهم، خلقهم الله شفاء للناس؛ فمن حفظهم لم يندم؛ ومن خذلهم ندم" وشرف الله قلوب العلماء فسوي بين قلوبهم وبين اللوح المحفوظ، فقال: " بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ"، وقال: "بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم" وروي ابن عمر عن النبي (صلي الله عليه وسلم) قال: "جلوس ساعة مع العلماء أحب إلى الله من عبادة ألف سنة لا يعصي الله تعالي فيها طرفة عين، والنظر إلى العالم أحب إلى الله من اعتكاف سنة في بيت الله الحرام، وزيارة العلماء أحب إلى الله من سبعين حجة مقبولة، ويكتب لمن جلس عند أهل العلم بكل حرف سمعه سبعين حجة وعمره، وترفع له درجة، وينزل الله عليه الرحمة، وتجب له الجنة يوم القيامة".
والناس عالم ومتعلم، فأما العالم فمستغن بعلمه؛ يزدادم كل يوم بصرا وعلما؛ فإذا فقه أبصر، وإذا أبصر عمي؛ وإذا عمل رجا، وهذه الدرجة القصوي، وأما المتعلم فهو في زيادة؛ فمثله كمثل السراج كلما كان ذهنه أصفي، وفتيلته أغلظ- كان أضوأ وأنور؛ وذلك إذا كان المعلم ناصحا شفيقا أثبت الله ذلك العلم في قلب المتعلم، ويزداد علما إلى علمه؛ وإذا كان المتعلم يتواضع لمن يتعلم منه استوجب من الله الإلهام في قلبه، وكان أقوي وأبصر وهذه الدرجة الوسطي.
وأما الجاهل فيزداد كل يوم جهلا إلى جهله، ولا يتواضع فيتعلم، ولا ينظر في أبواب الحكمة فيفهم، ومن أراد أن يستضئ بنور الحكمة؛ فليألف أهل الفهم والعقل، ومن استخف بحقها نزع الله منه بركة العمل بها.
Shafi 19