وأما قولك في أسماء الله تبارك وتعالي: أهي مخلوقة أم غير مخلوقة؟ فقد قيل: إن أسماءه المسمي بها من الألفاظ الملفوظة، والحروف الملحوظة المسموعة التي سمي بها نفسه في كتبه، أو وحيه، أو سماه بها أحد من خلقه، فلا يستقيم إلا أن تكون محدثة.
وأما ما سبق من ذلك في مكنون علم الله الذي لم يزل عالما به فلا يقال: إن علمه محدث، ولا مخلوق.
ولا يجوز أن يكون هو أسماؤه، ولا يكون ما سواه إلا وهو محدث؛ فمن خطرت بباله هذه الأسماء التي تذكر وتكتب، وينتقل ذكرها من حال إلى حال، فذلك محدث مخلوق، ومن عرف معناها فعليه أن يعلم أن ما سوي الله تبارك وتعالي مخلوق.
وإذا لم يعرف معني ذلك [أ] والمراد به من خاطر ذلك، أو ذكره، وعلم أن الله تبارك وتعالي قديم، وما سواه محدث من جميع الأشياء، وأنه لا يشبه بشيء من جميع الأشياء من ذاته، ولا صفاته، ولا أسمائه، ولا حكمه، ولا قضائه، وسعة ذلك إن شاء الله.
وكذلك القول في القرآن وتنزيله، وكتابه، وأحداثه من هذه الألفاظ الملفوظة، والحروف الملحوظة المكتوبة المسموعة المنظورة: فهي محدثة مخلوقة.
وأما ما سبق من علم الله له: فلا يقال: إن علم الله تبارك وتعالي كان بعد أن لم يكن فلا يجوز هذا، ونحوه عليه.
فمن شك فيما لا يسعه جهله على ما وصفنا فيما يخرج تنزيلا قد بلغه علمه؛ فيخرج حدثه- في ذلك معني الشرك، وإن كان متأولا في شكه، وفي قوله بمثل ذلك - لم يلحقه الشرك، وإن كان شكه في مثل ذلك.
وقوله: وتأوله فيما لا يسعه جهله كان كفره في ذلك كفر نعمة لا كفر شرك. ومن قال بخلق القرآن. فقيل: يبرأ منه، وقيل: بالوقوف عنه، وقيل: بولايته، وكذلك القول: في أسماء الله تبارك وتعالي؛ إذا ثبت معني الاختلاف في حكم التسمية، وعلى غير تفسير لا يسع، ولا يحتمل فيه للقائل مخرج من مخارج الحق، فلا يجوز في ذلك: الولاية، ولا الوقوف بعد علم حدثه فيما يسع جهله، وتزول بليته فيما لا يسع جهله.
فصل:
"من غير الكتاب".
Shafi 158