152

Minhajin Dalibai

منهج الطالبين

Nau'ikan

ونحن نسألكم عن هذه الأضداد التي أثبتموها [أ] هي الله نفسه أم هي غيره؟ فإن زعمتم أنها هي الله نفسه - فقد دخلتم في أشنع ما أنكرتموه على من خالفكم؛ إذ وصفتم أن لله سمعا، وبصرا وعلما، وقدرة، وحفظا، وتذكرة، والله تعالي: لم يصف نفسه بشيء مما وصفتموه، إنما: هو الله السميع العليم البصير؛ فمن وصفه بغير ما وصف به نفسه فقد افتري إثما عظيما، وضل ضلالا بعيدا.

وإن قلتم: هذه الأضداد غيره؛ فقد أثبتم معه غيره، وجعلتموه - إذا - أجزاء كالخلق، فتعالي الله [عن ذلك] علوا كبيرا؛ فتفهموا ما وصفنا، وتثبتوا؛ فإن فيه الشفاء لمن يريد الله، وما عنده.

اعلموا أن قوله: نفينا عنه الجهل، لا يكون الجهل ضد عالم، [و] إنما الجهل ضد العلم، والجاهل ضد العالم، والصمم ضد السمع، والعمي ضد البصر لا يكون العمي ضد البصير فتفموا الأضداد، ومجاريها، وما ينفي بعضها من بعض، تعلموا أن القوم ليسوا على صراط مستقيم، وأنهم في [كل] واد يهيمون، ولو كان أصلهم الذي بنوا عليه ثابتا - لكانت فروعه ثابتة، ولكن فسد الأصل ففسد الفرع.

ويقال لهم: أخبرونا عما فرقتم من أسمائه: فقلتم للعليم - لم يزل، وهذا من أسماء ذاته، والغفور من أسماء فعله، والخالق، والرازق [كل] هذه عندهم من أسماء فعله.

فقالوا: لا يجوز أن يقال: إن الله لم يزل خالقا، ولا غفورا، ولا رحيما، ولا رازقا؛ لأن هذه الأسماء عندهم، إنما أضيفت إليه بفعله، فتهموا الحجة عليهم.

يقال لهم: ليس الغفور هو العليم؛ لأنهما عندكم اسمان: أحدهما قديم، والآخر محدث، فلا يكون القديم هو المحدث، ولا [يكون] المحدث هو القديم.

Shafi 155