وقال أبو سعيد (رحمه الله): في المفتي؛ إذا قال: يسع، ويجوز أولا يجوز؛ فقد حكم بالقطع فيما قال، وأما إذا حكي؛ فقال: سمعت في كتاب كذا وكذا، أو جاء في السنة كذا، وكذا - ولو قال هذا في شيء منسوخ من السنة، أو الكتاب ولم يرد بذلك أن يفتي بباطل: فلا أثم عليه؛ إذا لم يعلم بنسخه، وكذلك إذا قال: أري أنه يجوز كذا وكذا، أو حفظت كذا وكذا، أو سمعت كذا وكذا، وكان هذا مضيقا له إلى من قاله - فلا شيء عليه، ما لم يعلم أنه باطل، ويقصد إلى الفتيا بالباطل، وأما قوله: أري أنه يجوز؛ فإن كان يري ذلك لم يكن هذا بمنزلة المفتي.
وسئل أبو إبراهيم عن العالم؛ إذا كان غير ثقة: هل يؤخذ بفتواه؟ قال: نعم؛ إذا كان يعرف الحق من الباطل، وقال: إنه يحفظ ذلك جاز الأخذ بقوله.
وسئل أبو الحسن البيساني (رحمه الله): عن رجل معي في الولاية يرفع له مسألة، وقال إنه وجدها في الأثر، أو قال: سمعت فيها، أو عندي فيها كذا وكذا؛ أيجوز لي أن أعمل بها؟ قال: لا أقول عندي فيها [فهي] ليست رفيعة، ولا فتوى؛ إنما أقول: في قياسي، ولا يقبل ذلك إلا من أهل الرأي، والفتوى.
وإن قال: سمعت فيها - لم يعمل بها عنه، حتى يرفع ذلك سماعا عن الفقهاء من المسلمين، فيقول فيها: سمعت فلانا القيه يقول كذا، وكذا وكان هو ممن يضبط المسائل.
وقوله: وجدت في الأثر لا يقبل منه،؛ إلا أن يكون يعلم أنه فقيه يعرف عدل الأثر، وإن قال: وجدت في الأثر عن المسلمين، أو عن فلان، رجل فقيه، وكان ممن يضبط المسائل - قبلت رفعته؛ إذا رفع عن المسلمين. والله أعلم، وبه التوفيق.
***
القول الثاني عشر
Shafi 121