وإمامته وجلالته، وزهده، وورعه وعبادته، وصيانته في أقواله وأفعاله وحالاته له الكرامات الواضحة، والمؤثر نفسه وماله للمسلمين، والقائم بحقوقهم وحقوق ولاة أمورهم بالنصح والدعاء في العالمين.
ولد في العشر الأوسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة، بنوى قال ابن العطار: وذكر لي بعض الصالحين الكبار، أنه ولد وكتب من الصادقين، ونشأ بها وقرأ القرآن، فلما بلغ سبع سنين، وكانت ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان.
قال ولده: وكان نائما إلى جنبي، فانتبه نحو نصف الليل وأيقظني وقال: يا أبت، ما هذا النور الذي قد ملا الدار؟ فاستيقظ أهله جميعا، ولم نر شيئا فعرفت أنها ليلة القدر.
ولما بلغ عشر سنين، وكان بنوي الشيخ وياسين ين يوسف المراكشي من أولياء الله تعالى، قرأه والصبيان يكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي لاكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، قال: فوقع في قلبي محبته وجعله أبوه في دكان، فجعل لا يشغل بالبيع والشراء عن القرآن. قال الشيخ ياسين: فأتيت الذي يقرئه القرآن، فوصيت به، وقلت له هذا الصبي يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به، فقال أمنجم أنت؟ فقال لا، وإنما أنطقني الله بذلك فذكر ذلك الوالدة، فحرص عليه إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام.
قال ابن العطار: قال الشيخ، فلما كان عمري تسع عشرة سنة، قدم بي والدي إلى دمشق سنة تسع وأربعين، فسكنت المدرسة الرواحية، وبقيت نحو سنتين لم أضع جنبي إلى الأرض وكان قوتي فيها جراية المدرسة لا غير: قال: وحفظت التنبيه في أربعة أشهر ونصف وحفظت ربع المهذب في باقي السنة قال. ولما قرأت مدة اغتسل منها بالماء البارد، حتى تشقق ظهري قال: وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا الامام البارد، حتى ظهري قال: وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا الامام العالم، الزاهد الورع، أبي إبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان، المغربي الشافعي، ولازمته فأعجب بي لما رأى من اشتغال وملازمتي وعدم اختلاطي بالناس، وأجبني محبة شديدة، وجعلني أعيد الدرس في حلقته الأكثر الجماعة.
Shafi 54