قلنا: أما دليل إثبات الصانع فلا شك أنه مبني على أن العالم محدث وأن المحدث لا بد له من محدث، وأن محدثه ليس إلا الله تعالى.
فاستدل الرازي على حدوث الأجسام بأنها لو كانت أزلية لكانت إما محتركة أو ساكنة، والقسمان باطلان، فيجب أن لا تكون أزلية.
فيقال له: أول ما في هذا أنه مبني على إثبات الحركة أو السكون معنيين، وكثير من الناس لا يسلمه /38/ فضلا عن أن يدعي فيه ضرورة، ومبني على أن الجسم إنما يكون كائنا لأجل تحيزه ليثبت ذلك في الأجسام الأزلية.
ومبني على أن هذه المعاني لم تتقدم الجسم عليها، وكثير من الناس لا يسلمه.
ومبني على إبطال الحوادث لا أول لها، وعلى إبطال الكمون والظهور ونحو ذلك مما ليس بضروري، وقد لا ينتهي إلى أصل ضروري، وهذا ينقض كون هذه المقدمات يقينية على أصله.
واستدل أيضا على حدوث ما سوى الله تعالى بأنه لا واجب الوجود إلا واحد، وما عداه ممكن الوجود لذاته، وكل ممكن الوجود لذاته محدث.
قال: بيان المقدمة الأولى أنا إذا فرضنا موجودين كل واحد منهما واجب الوجود لذاته فلا بد أن يكونا متشاركين في الوجوب وغير متشاريكن في التعيين، فيكون كل واحد منهما مركبا مما به المشاركة، ومما به المباينة، وهذا يقتضي التركيب في صانع العالم، وأردنا بالتركيب أن ماهيته تكون مركبة من جنس وفصل.
فيقال له: هذا الدليل مبني على أن الوجود زائد على الذات، وأنت لا تقول به. ومبني على أن الوجود يوصف بالوجوب، وأن وجوب الصفة مما به تقع المشاركة وإن اختلفت الصفة.
وأن التعيين مما به تقع المخالفة، وأن اجتماع ما به تقع المباينة، وما به تقع المشاركة يقتضي الكثرة في الذات وأكثر هذه الأصول غير صحيحة فضلا عن أن يكون ضرورية.
يوضحه أنه أورد للفلاسفة من الأسئلة على هذه الأصول ما لم يحسن الجواب عنه.
Shafi 59