344

Hanyar Tsarkakan Mutane a Ilimin Magana

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

القول في الهدى والضلال

الهدى يستعمل في اللغة بمعنى الدلالة والإرشاد نحو: {إن علينا للهدى} وبمعنى التوفيق نحو: {والذين اهتدوا زادهم هدى}، وبمعنى الثواب: نحو {سيهديهم ويصلح بالهم} في قصة المقتولين، ونحو: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار} وبمعنى الفوز والنجاة نحو: {لو هدانا الله لهديناكم} أي نحو لو أنجانا الله لأنجيناكم لأنكم أتباع لنا، فلو نجينا لنجيتم، ونحو: {والله لا يهدي القوم الظالمين} الكافرين أي لا ينجيهم، وبمعنى الحكم والتسمية نحو: {فمالكم في المنافقين فئتين} إلى قوله: {أتريدون أن تهدوا من أضل الله} المعنى مالكم مختلفين فيهم فبعضكم يسميهم مهتدين، وبعضكم يسميهم بخلاف ذلك، أتريدون أن تسموا مهتديا من سماه الله ضالا وحكم بذلك عليه، ومنه قول الشاعر:

ما زال يهدي قومه ويضلنا .... جهلا وينسبنا إلى الكفار

وأما الضلال ففيه لفظتان: ضل وأضل.

أما لفظة ضل فقد تكون لازمة نحو: ضل الشيء أي ضاع وهلك، ومنه قوله تعالى: {قالوا: ضلوا عنا} أي ضاعوا، وقوله: {ضل من يدعوا إلا إياه} أي ضاع وبطل، وقد تكون متعدية نحو: ضل فلان الطريق والدار، وضل عنهما إذا جهل مكانهما، ومنه قوله تعالى: {فقد ضل سواء السبيل}.

وأما لفظة أضل فتأتي على وجوه:

أحدها أن تكون بمعنى ضل المتعدية، وتكون الهمزة للفرق بين ما يفارق مكانه وبين ما لا يفارق.

قال أبو زيد: يقال ضل الطريق ولا يقال أضلها لما كانت لا تفارق مكانها، ويقال أضل بعيره، ولا يقال: ضل عن بعيره، لما كان البعير يفارق مكانه. اللهم إلا أن يكون البعير لم يفارق مكانه بأن يكون مربوطا أو محبوسا كان كالطريق يقال فيه ضل عن بعيره ولا يقال أضله.

وثانيها: أن يكن من ضل اللازمة التي بمعنى ضاع وبطل فترد الهمزة للتعدية إلى واحد، فيقال: أضله أي أضاعه وأبطله، ومنه /231/ قوله تعالى: {أضل أعمالهم} أي أبطلها.

Shafi 350