176

Hanyar Tsarkakan Mutane a Ilimin Magana

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

وحكي عن الشيخ أبي علي ما هذا لفظه: أنه وإن كان عالما لنفسه فإنه إنما يوصف بأنه عالم بوجود زيد عند وجوده من حيث تعلق علمه بوجوده كما أنه وإن كان مدركا لنفسه فإنه إنما يوصف بأنه يدرك المدركات عند وجودها لتعلق كونه مدركا بوجودها.

وهذا الكلام يحتمل وجهين: أحدهما أن يريد أن العالمية متجددة بتجدد التعلق كالمدركية، وذلك لا يقدح في كونها للنفس أو مقتضاة؛ لأنها متعلقة، والمتعلقة تتجدد بتجدد متعلقها ككونه مدركا. ومتى قيل له هذا يؤدي إلى خروج الموصوف عن صفته المقتضاة أو الذاتية أجاب بأن الصفة إذا كانت مشروطة بثبوت المتعلق لم يمتنع زوالها عند زواله، وإن كانت ذاتية أو مقتضاة، وهذا الوجه غير سديد؛ لأنه مع مخالفته لأصول الجمهور، فإنه يؤدي إلى أن يكون له بكونه عالما صفات كثيرة.

الوجه الثاني أن الصفة واحدة مستمرة والتعلق يتحدد فتكون متعلقة بأن الشيء سيوجد، فإذا وجد زال التعلق الأول وصارت متعلقة بوجوه، وهذا قريب، وقد صرح به ابن الملاحمي في (الفائق) عن أبي علي، وما ذكره الفقيه قاسم بن حميد صاحب تعليق شرح الأصول من أنه لو تجدد التعلق لكان لا بد أن يتماثل التعلقان، وإنما يتماثلان باتحاد المتعلق، ومع اتحاده لا يحتاج إلى تحدد التعلق فهو غير سديد، ولقائل أن يقول: إن مماثلة التعلق الثاني للأول لا يمنع من ثبوت الثاني إذا قام عليه دليل، وقد قام الدليل هنا فإنا إذا علمنا أن الشيء سيوجد ثم علمنا وجوده، فإنا نجد مزية لم تكن فلا أقل من أن تكون تلك المزية الحاصلة تعلقا متجددا للصفة إذا بطل أن يكون المتجدد هو الصفة. ثم يقال له: وما أنكرت أن يختلف التعلقان لاختلاف متعلقهما من حيث أن أحدهما تعلق بأنه سيوجد والآخر تعلق بأنه وجد.

فإن قال: هذا يؤدي إلى أن العلم بأنه سيوجد غير العلم بأنه وجد.

Shafi 180