Minhaj Fi Sharh Muslim
شرح النووي على صحيح مسلم
Mai Buga Littafi
دار إحياء التراث العربي
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٣٩٢
Inda aka buga
بيروت
وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ ثُمَّ إِنْ جُوزِيَ وَأُدْخِلَ النار فلا يخلد فيها بل لابد مِنْ خُرُوجِهِ مِنْهَا بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ وَلَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَسَيَأْتِي دَلَائِلُهَا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْكَذِبُ فَهُوَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ شَرْطُهُ الْعَمْدِيَّةُ وَدَلِيلُ خِطَابِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَنَا فَإِنَّهُ قَيَّدَهُ ﵇ بِالْعَمْدِ لِكَوْنِهِ قَدْ يَكُونُ عَمْدًا وَقَدْ يَكُونُ سَهْوًا مَعَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ وَالنُّصُوصَ الْمَشْهُورَةَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُتَوَافِقَةٌ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا إِثْمَ عَلَى الناسى والغالط فَلَوْ أَطْلَقَ ﵇ الْكَذِبَ لَتُوُهِّمَ أَنَّهُ يَأْثَمُ النَّاسِي أَيْضًا فَقَيَّدَهُ وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ الْمُطْلَقَةُ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُقَيَّدَةِ بِالْعَمْدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَشْتَمِلُ عَلَى فَوَائِدَ وَجُمَلٍ مِنَ الْقَوَاعِدِ إِحْدَاهَا تَقْرِيرُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْكَذِبَ يَتَنَاوَلُ إِخْبَارُ الْعَامِدِ وَالسَّاهِي عَنِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ الثَّانِيَةُ تَعْظِيمُ تَحْرِيمِ الْكَذِبِ عَلَيْهِ ﷺ وَأَنَّهُ فَاحِشَةٌ عَظِيمَةٌ وَمُوبِقَةٌ كَبِيرَةٌ وَلَكِنْ لَا يَكْفُرُ بِهَذَا الْكَذِبِ إِلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَالِدُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَبِي الْمَعَالِي مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا يَكَفُرُ بِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ عَلَيْهِ ﷺ حَكَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ وَالِدِهِ هَذَا الْمَذْهَبَ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دَرْسِهِ كَثِيرًا مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَمْدًا كَفَرَ وَأُرِيقَ دَمُهُ وَضَعَّفَ إِمَامُ الحرمين هذا القول وقاله إِنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَصْحَابِ وَإِنَّهُ هَفْوَةٌ عَظِيمَةٌ وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْجُمْهُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَمْدًا فى حديث واحد فسق وردت رواياتة كُلُّهَا وَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِجَمِيعِهَا فَلَوْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ فَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَصَاحِبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيِّينَ وَأَصْحَابِ الْوُجُوهِ مِنْهُمْ وَمُتَقَدِّمَيْهِمْ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لَا تُؤَثِّرُ تَوْبَتُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَبَدًا بَلْ يُحَتَّمُ جَرْحُهُ دَائِمًا وَأَطْلَقَ الصَّيْرَفِيُّ وَقَالَ كُلُّ مَنْ أَسْقَطْنَا خَبَرَهُ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ بِكَذِبٍ
1 / 69