============================================================
والتقريب إلى حضرتنا، مع ما صرفنا إليه من عنايتنا، وأمزآنا له من الذخائر وضروب الأيادي، ما هذا إلأ ساقط الهمة، عظيم الجهل، قليل التمييز، أسلبوه الخلع وأطردوه عن بابنا ؟1 فهذا حال العالم إذا مال إلى الدنيا، والعابد إذا اتبع الهوى، فبعدما أكرمه الله تعالى بعبادته ومعرفة آياته وشريعته وأحكامه، ثم إنه لم يعرف قدر ذلك، فيصير إلى أحقر شيء عند الله عز وجل وأهونه عنده ، فيرغب فيه ويحرص عليه، ويكون أعظم في قلبه وأحب إليه من جميع ما أعطي من تلك النعم العزيزة؛ من العلم والعبادة، والحكم والحقاثق.
وكذلك من خصه الله تعالى بأنواع توفيقه وعصمته، وزينه بأنوار خدمته وعبادته، ويديم النظر إليه بالرحمة في اكثر أوقاته ، ويباهي به ملائكته ، وأعطاه على بابه القيادة والوجاهة، وأحله محل الشفاعة ، وأنزله منزلة الأعزة، حتى صار بحيث لو دعاه.. لأجابه ولباه، ولو سأله. لأعطاه وأغناه، ولو شفع في عالم. لشفعه فيهم وأرضاه، ولو أقسم عليه.. لأبره وأوفاه، ولو خطر بباله شيء.. لأعطاه قبل أن يسأله بلسانه، فمن كانت هلذه حاله، ثم لم يعرف قدر هذا المنعم ، ولم ينظر إلى قذر هذه النعمة، فيعدل عن ذلك إلى شهوة نفس رديثآة لا حياء لها ، أو لعقة من الدنيا الدنيثة التي لا بقاء لها ، ولم ينظر إلى تلك الكرامات والخلع والهدايا ، والمنن والعطايا ، ثم ما وعد وأعد له في الاخرة من الثواب العظيم، والنعيم المقيم. فما أحقرها إذن من نفسي ، وما أسوأه من عبد، وما أعظم خطره لو علم، وما أفحش صنيعه لوفهم !!
نسال الله البر الرحيم أن يصلحنا بعظيم فضله ، وسعة رحمته، إنه أرحم الراحمين فعليك - أيها الرجل- ببذل المجهود حتى تعرف قدر نعم الله تعالى عليك، فإذا أنعم عليك بنعمة ألدين. . فإياك أن تلتفت إلى الدنيا وحطامها ؛ فإن ذلك لا يكون منك إلا بضرب من التهاون بما أولاك ربك من نعم ألدين ، أما تسمع قوله تعالى لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم : ولقد وانيتاك سبعا من المثانى 265
Shafi 265