============================================================
عليها الموت والقبر، والقيامة والجنة والنار.. لا تعطي القياد، ولا تترك الشهوة، ثم إن استقبلتها بمنع رغيف.. تسكن وتترك شهوتها، لتعلم خستها وجهلها، فإياك أيها الرجل أن تغفل عنها؛ فإنها كما قال خالقها العالم بها جل جلاله: إن النفس لأمارة بالشوء}، فكفى بهذا تنبيها لمن عقل.
ولقد بلغنا عن رجلي من الصالحين يقال له أحمد بن أرقم البلخيي رحمه الله أنه قال : نازعثني نفسي بالخروج إلى الغزو ، فقلت : سبحان الله ! إن الله تعالى يقول: إن النفس لأمارة بالشوه} وهلذه تأمرني بالخير ؟ لا يكون هذا أبدا ، وللكنها استوحشت فأرادت لقاء الناس لتستروح إليهم، ويتسامع الناس بها، فيستقبلونها بالتعظيم والبر والإكرام ، فقلت لها : لا أنزلك العمران، ولا أنزلك على معرفة، فأجابت، فأسأث الظن بها، وقلت: الله تعالى أصدق، فقلة لها: أقاتل العدو حاسرا فتكونين أول قتيل ، فأجابت ، وعذ أشياء مما أرادها فأجابت إلى كل ذلك ، قال : فقلت : يا رب؛ نبهني لها؛ فإني متهم لها، مصدق لك، فكوشفت بها كأنها تقول : يا أحمد ؛ أنت تقتلني كل يوم بمنعك اياي من شهواتي مرات وبمخالفتك ولا يشعر به أحد ، فإن قاتلت.. قتلت مرة واحدة فنجوت منك، ويتسامع الناس، فيقال : أستشهد أحمد، ويكون لي شرف وذكر، قال : فقعدت ولم أخرج إلى الغزو في ذلك العام .
فانظر إلى خداع النفس وغرورها، ترائي الناس بعد الموت بعمل لم يكن بعد: امن البسيط) ولقد صدق القائل فأحسن: توق نفسك لا تأمن غوائلها فالنفس أخبث من سبعين شيطانا فتنبه - رحمك الله - لهذه الخداعة الأمارة بالشوء، ووطن على مخالفتها قلبك بكل حال تصت وتسلم إن شاء الله تعالى، ثم عليك بإلجامها بالتقوى لا حيلة لها سواه واعلم : أن ههنا أصلا أصيلا، وهو أن العبادة شطران : شطر الاكتساب ، 144
Shafi 144