Mines of Secrets in the Virtue of Seeking Forgiveness
مناجم الأسرار في فضل الاستغفار
Nau'ikan
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا ...
المقدمة: وحديثين جليلين كريمين .
وأشهد أن لا إله إلا الله: يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويقول: ﴿يَاعِبَادِي إَنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُوني أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُو عَلى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذلِكَ فِى مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِى لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادى إِنَّمَا هِىَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلاّ نَفْسَهُ (^١)﴾ إلهي:
ما زلت أُعرفُ بالإِسَاءة دائمًا ... ويكون منك العفو والغفرانُ.
لم تنتقصني إن أَسَأْتُ وزدتني ... حتى كأنَّ إساءتي إحسانُ.
منك التفضُّل والتَّكرُّم والرِّضا ... أنت الإلهُ المنعم المنَّانُ
وأشهد أن سيدنا ونبينا وعظيمنا وقرة أعيننا محمدًا رسول الله: يقول مبشرًا ومذكرًا: "طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا (^٢) " وطوبى .. أي: فرحةٌ وقرة عين لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا يوم القيامة، وقد سئل أبو أمامة الباهلي_رضي الله عنه_عن معنى طوبى! فقال: طوبى شجرة في الجنة لها غصن في كل دار منها (^٣).
فيا صاحب الحوض الشهيِّ مذاقُهُ .... أنت البشيرُ بواسع الجناتِ
أنت الرسولُ فلستَ تنطق عن هوىً ... وشفيعنا في الحشر والميقاتِ
_________
(^١) صحيح مسلم ٤/ ١٩٩٤.برقم (٢٥٧٧). تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت-
(^٢) سنن ابن ماجه ٢/ ١٢٥٤.برقم (٣٨١٨) قال الحافظ المنذري: رواه ابن ماجه بإسناد صحيح والبيهقي.
(^٣) الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي ٩/ ٣١٦
1 / 1
أما بعد فيا أحباب رسول الله:
كلما اشتدت الكروب وتعاظمت الخطوب في الأمة، وكلما اشتدت المحن والبلايا وحلّت بنا الأزمات والرزايا، كلما كانت حاجتنا إلى التوبة والاستغفار أشد وأعظم .. فما نزل البلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة واستغفار .. حقيقة قد نغفل عنها .. ! !
الذنوب سبب المصائب
نعم أيها الأحبة: ما من مصيبة تقع في الأمة على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي إلا بسبب الذنوب والمعاصي بداية من كبائرها إلى صغائرها .. أما الدليل على ذلك فأَرْعِنِي سمع قلبك وأذنيك واسمع قول الله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم: ٤١] وقال جل من قائل: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠] وقال الله ﷿: ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: ١١] والباء هنا للسببية أي: أخذهم بسبب ما اجترحوه من ذنوب ومعاصي ومن ترك للأوامر وارتكاب للمناهي .. ما أوضح وما أصرح هذه الآيات في دلالاتها وتوجيهاتها فقد كفتنا مؤنة البحث عن تفسيرها وبيانها ... وخلاصة مرادها: أن البلاء لا يقع إلا بذنب ولا يُرفع إلا بتوبة
وأوبة واستغفار إلى الله جل وعلا.
معنى الاستغفار:
طلب المغفرة من الله بالمقال والفعال (^١)، فالسين والتاء في اللغة
للطلب، فإذا قال العبد: أستغفر الله، أي أطلب منك ياربِّ المغفرة بستر العيب ومحو الذنب. ولماذا جُعِلَ طلب العفو عن الذنب بلفظ الاستغفار بالذات؟؟ ! انظروا إلى جمال لغتنا العربية القرآنية، قال: لأن أصل لفظ الاستغفار في اللُّغة من غَفَرَ؛ والغَفْرُ والمَغْفِرَةُ التغطية والستر (^٢)، فكأن المستغفر يدعو الله أولًا: بستر ذنبه ثم بمحوه ومغفرته، ولذلك كان من أسمائه تعالى (الغفور)؛ أي: الذي يستر عيوب عباده فلا يفضحهم ويَتجاوز عن ذنوبهم.
_________
(^١) الموسوعة الفقهية الكويتية ٤/ ٣٤. مصطلح "استغفار"
(^٢) تاج العروس من جواهر القاموس ٧/ ٣١٤. مادة [غفر]
1 / 2
ملازمة الاستغفار من أجل العبادات
معاشر الأحبة: إن ملازمة الاستغفار من أجل العبادات والقربات إلى المتعال ﷻ، فمهما جدَّ المؤمنُ فينا واجتهدَ، لا بدَّ أن يُلَّم بذنبٍ صغير أو كبير فالمعاصي تحيطُ بنا، والمغرياتُ تتجاذُبنا، وعواملُ الشرورِ ودواعيهِ عنا يمينةً ويسرةً، إن سلمت من الأعيُن، وقعت الآذانُ، وإن نجتِ الآذانُ أو العينُ، وقعت اليدُ أو وقع اللسانُ، ولا ملاذَ لنا نلوذُ به، ولا حصنَ نلتجئُ إليه ونعتمدُ عليه في تطهيرنَا مما قد نقعُ فيه من الذنوبِ والآثام إلا الاستغفار والتوبة النصوح، فيا من وقعت في شرك المعصية، يامن ضاقت بك أحوال وقلت بيدك بركة الأرزاق، يامن تعاني من ضيق في الصدر .. هلا جربت هذا الدواء الإلهي النبوي الناجع .. ألم نسمع قول رسول ﷺ: "إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ، فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ (^١) " قال حفاظ الحديث لما سمع الصحابي الجليل أبو هريرة_رضي الله عنه_هذا الحديث قال: "إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة (^٢) " فما بالنا نقع بالذنوب والمصائب والبلايا والنكبات وأحدنا ربما يعجز عن الاستغفار اليوم ولو مائة مرة.
_________
(^١) صحيح مسلم ٤/ ٢٠٧٥.برقم (٢٧٠٢).
(^٢) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ١/ ٣٨٣ لأبي نعيم الأصبهاني
1 / 3
ثمار الاستغفار وفوائده العظيمة
أيها الأحبة: وسريعًا أوجز لحضراتكم أهم ثمار الاستغفار وفوائده العظيمة الجمّة على الفرد والمجتمع:
أولًا: في المداومة على الاستغفار "مغفرة للذنوب، وتكفير للسيئات" قال تعالى: ﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠] ودققوا في هذا التعبير القرآني" يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا" لماذا التعبير بالوجدان هنا؟ ! قال: لأن التائب المستغفر يجد أثر المغفرة في نفسه أولًا بكراهة الذنب وذهاب داعيته، ثم يجد بعد ذلك أثر الرحمة بالرغبة فى الأعمال الصالحة التي تطهر النفس وتزيل الدّرن منها (^١). إذن الاستغفار هو دواؤك الناجع وعلاجك الناجح من الذنوب والخطايا، لذلك أمر النبي ﷺ بالاستغفار دائمًا وأبدًا بقوله: "يا أيها الناس استغفروا الله وتوبوا إليه فإني استغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة (^٢) " كلما وقعت في ذنب بادر إلى التوبة والاستغفار واجعل لنفسك وردًا يوميًا أقله في اليوم مائة مرة كما فعل رسول ... قالَ رياح القيسيُّ وكان من السلف الصالح وهو من أقران مالك بن دينار. قال: "لي نيف وأربعونَ ذنبًا، قدِ استغفرتُ لكل ذنب مائةَ ألفِ مرَّةٍ (^٣) " وكان عبد الله ابن عمر ﵄ يصلِّي من الليل. ثم يقول لخادمه نافع: (يا نافع، هل جاء السَّحَر؟) فإذا قال: نعم، أقبَل على الدعاء والاستغفارِ حتى يصبح (^٤).
ثانيًا: في المداومة على الاستغفار أمان من العقوبة والعذاب، وسبب لدفع البلاء والنقم عن العباد والبلاد، ورفع الفتن والمحن عن الأمم والأفراد، لاسيما إذا صدر ذلك من قلوب موقنة مؤمنة
مخلصة خالصة. ألم يقل الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ
_________
(^١) تفسير المراغي ٥/ ١٥٠ بتصرف
(^٢) أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والطبراني، وابن مردويه عن أبى بردة عن رجل من المهاجرين، الحكيم عن أبي بردة عن الأغر)
(^٣) صفة الصفوة ٢/ ٢١٨
(^٤) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/ ٢٣
1 / 4
فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال ٣٣] قال أَبو مُوسَى الأشعري ﵁: " أَمَانَانِ كَانَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رُفِعَ أَحَدُهُمَا - وهو النبي ﷺ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ وَبَقِي الآخَرُ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (^١).
ثالثًا: في المداومة على الاستغفار: تفريج للهموم، وجلب للأرزاق وخروج من الضوائق والعوارض. مِن أينَ لك ذلك؟ ! اسمع معي إلى قول رسول الله في الحديث الذي رواه الإمام أبو داود وابن ماجة وأحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ (^٢) ". يا من يعاني عدم البركة في رزقه هلا جربت الحلول التي وضعها رسول الله بين يديك ... لذا قال لقمان الحكيم لابنه ذات يوم: "يا بُنيَّ؛ عوِّد لسانَكَ: اللهَمَّ اغفرْ لِي، فإنَّ للَّهِ ساعاتٍ لا يَردُّ فيهنَّ سائلًا (^٣) ".
رابعًا: في المداومة على الاستغفار إيذان بنزول الغيث المدرار من السماء، وحصول البركة في الأرزاق والثمار والأنْسَال، كما قال سبحانه حكاية عن نبيه نوح ﵇: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا، مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ [سورة نوح: ١٠_١٤]
_________
(^١) مسند الإمام أحمد بن حنبل ٣٢/ ٢٦٤.
(^٢) قال المنذري: رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه، والحاكم والبيهقي، كلهم من رواية الحكم بن مصعب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ٢/ ٤٦٨. وقد صحح إسناده العلامة أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " رقم (٢٢٣٤) بناء على أنه ثقة عند البخاري لأنه لم يذكر فيه جرحًا فانظره.
(^٣) لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص: (٢١٤) لابن رجب الحنبلي.
1 / 5
ولقد ذكر الإمام القرطبي _رحمه الله_ (^١): أن رجلًا جاء إلى التابعي الجليل الحسن البصري يشكو إليه الجدب والقحط فأجابه قائلًا ياهذا: "استغفر الله "، ثم جاءه رجلُ آخر يشكو الحاجة والفقر فقال له يا هذا: "استغفر الله"، ثم جاءه ثالثُ يشكو قلة الولد فقال له: " استغفر الله"، فعجب القوم من إجابته ... وقالوا: لقد أتاك رجال يشكون أنواعًا من البلاء فأمرتهم كلهم بالاستغفار .. كيف ذلك. فقال لهم وهو يرشدهم إلى الفقه الإيماني والفهم القرآني والهدي النبوي .. ألم تقرؤا قول الله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا، مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾.
خامسًا: من ثمار المداومة الاستغفار: أن المستغفرين يمتعهم ربهم متاعًا حسنًا، فيبدِّل خوفهم أمنًا، وفقرهم غنىً، وشقاءهم سعادةً، فيهنئون بطيب العيش، وينعمون بالسعادة في الحياة، ويسبغ عليهم سبحانه المزيدَ المزيد من خيره وإنعامه. اقرأ معي قول الله تعالى: (وَأَنِ؟ سْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى؟ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ). [سورة هود: ٣] ووصف المتاع بالحسن؛ ليدل على أنه عطاء ليس مشوبًا بالمكدرات والمنغصات التي تقلق الإنسان في دنياه، وإنما هو عطاء يجعل المؤمن يتمتع بنعم الله التي أسبغها عليه، مع المداومة على شكره- سبحانه- على هذه النعم (^٢).
وصية للحسن غالية:
وكان وصايا الحسن البصري_رحمه الله_: "لا تملُّوا من الاستغفارِ. واكثِرُوا مِنه في بُيُوتِكم، وعَلَى موائِدِكم، وفي طُرُقِكم، وفي أسواقِكُم، فإنَّكم ما تدرُون متى تَنْزِلُ المغفرةُ". وقال التابعي الجليل بكر المُزَنيُّ: "إنَّ أعمال بني آدمَ ترفعُ فإذا رفعت صحيفة فيها استغفار رُفعت بيضاءُ، وإذا رُفعتْ ليس فيها استغفارٌ رفعت سوداء" (^٣).
_________
(^١) الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي ١٨/ ٣٠٢.
(^٢) التفسير الوسيط للقرآن الكريم ٧/ ١٥٩
(^٣) روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي) ٢/ ٦٥٣
1 / 6
وَقِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ: "كَيْفَ أَنْتَ فِي دِينِك؟ قَالَ: أُمَزِّقُهُ بِالْمَعَاصِي وَأُرَقِّعُهُ بِالِاسْتِغْفَارِ" (^١).
تنبيه مهم حول الاستغفار باللسان:
وننبه هنا إلى مسألة في غاية الأهمية: وهي أن الاستغفار باللسان لابد أن يصاحبه استشعار بالقلب. فمَنْ قَالَ بِلِسَانِهِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَقَلْبُهُ مُصِرٌّ عَلَى مَعْصِيَتِهِ فَاسْتِغْفَارُهُ هذا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ، وَصَغِيرَتُهُ لَاحِقَةٌ بِالْكَبَائِرِ. كما نقل الإمام القرطبي ﵀ في تفسيره (^٢).ونقل الإمام ابن رجب الحنبلي عن بعض العارفينَ أنه قال: "من لم يكنْ ثمرة استغفاره تصحيحَ توبتِهِ، فهوَ كاذب في استغفاره (^٣) ".
خاتمة:
معاشر الأحبة:
الوقت يمر بنا مسرعًا وعقارب الساعة تضيق عليَّ الخناق ولا أريد أن أطيل على حضراتكم .. اللهم اجعلنا من عبادك المستغفرين الذاكرين الحامدين الشاكرين التائبين المقبولين، واجعلنا من أوليائك المقربين برحمتك يا أرحم الراحمين، الله اجعلنا ممن عمروا أوقاتهم بالاستغفار والذكر ... إنك سميع قريب
مجيب عليم.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فيا فوز المستغفرين .. (^٤).
بقلم
محمد مهدي نذير قشلان
رجاء دعوة صالحة
_________
(^١) غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب ٢/ ٣٧٨. السفاريني الحنبلي (المتوفى: ١١٨٨ هـ)
(^٢) الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي ٤/ ٢١٠
(^٣) روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي) ٢/ ١٥٢
(^٤) ألقيت هذه الخطبة في أحد مسجد عمان عام ١٤٣٩ هـ ٢٠١٧ م. كما ألقيت في بعض المراكز الإسلامية الدعوية.
1 / 7