============================================================
ما ذهب إليه إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه: آنها فتحت صلحا، كما هو قضية التأمين الذي وقع منه صلى الله عليه وسلم لمن دخل دار آبي سفيان، أو أغلق بابه، أو دخل المسجد، ولم يقع قتال من جهة أعلى مكة التي دخل منها صلى الله عليه وسلم، والعبرة بها لا بغيرها، على أن القتال الذي وقع في غيرها إنما كان دفعا لقتالهم كما مر، وعلم مما تقرر في القصة : أنه صلى الله عليه وسلم أمر أكثر أصحابه بأن يدخلوا من الحجون، وهو كداء - بالفتح والمد - وكان معهم في كتيبته الخضراء؛ لكثرة ما معهم من السلاح، وهو على ناقته القصواء بين آبي بكر وأسيد بن حضير، وفيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، فرأى أبو سفيان ما لا قبل له، فقال للعباس: لقد أصبح ملك ابن أخيك ملكا عظيما فقال: ويحك، إنه ليس بملك ولكنها نبوة، قال: نعم، وأمر صلى الله عليه وسلم بقية أصحابه أن يدخلوا من أسفلها، وهو كدي- بالضم والقصر- ولذا قال: أخجمت عنده الحجون وأكدى عند إغطائه القليل كداء (احجمت) أي : كفت وأمسكت (عنده) أي : عند ذلك النقع الذي حصل بمكة لما اجتمعت فيها جنود الإسلام - مع ما هم فيه من كثرة الخيل والسلاح - الداخلون من أعلاها وأسفلها (الحجون) - بفتح الحاء - وهو: الجبل المطل على مقبرة مكة المسماة بالمعلاة، وذلك هو كداء - بالفتح والمد- أي : أن الفرقة التي كانت بالحجون وإن أثارت فيه من النقع شيئا كثيرا.. للكنه قليل بالنسبة لما في مكة، فأمسك عن محاكاة ما بمكة ( واكدى) أصله : قلة الخير، والمراد هنا : قلة التراب (عند) حال من (كداء) (إعطائه) أي: كداء؛ لتقدمه رتبة، والمصدر مضاف للمفعول، وفاعل الإعطاء النبي صلى الله عليه وسلم ( القليل) من الناس، مفعول المصدر الثاني (كداء) - بضم الكاف والمد لغة قليلة فيه - أي : وقل غبار كداء الذي هو أسفل مكة؛ لأن الفرقة الداخلين منه الذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم له كانوا قليلين وعجيب من الشارح حيث لم يبين لهاذا الشطر معنى ملائما، مع كونه أوهم ضبط (كداء) بالفتح، وهو فاسد؛ لأن المفتوح الحجون السابق في الشطر الأول، أو
Shafi 395