324

Minah Makkiyya

Nau'ikan

============================================================

فما فعل مثله مخلوق، ولا تمنى الموت يهودي، وهذه أيضا من أبهر المعجزات قال بعض المحققين: (إعجازه من وجهين: إما لذاته من حيث لفظه ومعناه المخصوصان؛ إذ تأليفه ليس على هيئة ما يتعاطاه البشر؛ إذ لا يصح أن يقال له: رسالة ولا خطابة ولا شعر ولا سجع، وفنون كلام العرب لا تخرج عن ذلك، وإما لصرف الناس عن معارضته، والإعجاز في هذا ظاهر أيضا إذا اعتبر، وذلك أنه ما من صناعة محمودة أو مذمومة.. إلا وبينها وبين قوم مناسبة خفية واتفاق جملي، ولهذا تجد هلذا يؤثر حرفة؛ لانشراح صدره لها، وذاك يكرهها ويشرح لأخرى:.

وهكذا، فلما دعا الله أهل الخطابة الذين يهيمون في كل واد من المعاني بسلاطة لسانهم إلى معارضة القرآن، فعجزوا عن الإتيان بمثله، ولم يتصدوا لمعارضته.. لم يخف على أولي الألباب أن صارفا صرفهم عن ذلك ، وأي إعجاز أبلغ من ذلك ؟1) اهملخصا وحاول بذلك توجيه القول بالصرفة(1)، مع أنه للنظام من المعتزلة ، للكن أفسدوه بأن قوله تعالى : قل لين اجتمعت الإس وآلجن . . الآية .. دليل ظاهر على عجزهم مع بقاء قدرتهم، ولو سلبوا القدرة. لم تبق فائدة لاجتماعهم؛ لأنه حينئذ بمنزلة اجتماع الموتى، وليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره ، هذا مع أن الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز إلى القرآن، والقول بالصرفة يلزمه إضافته إلى الله تعالى لا إلى القرآن، وحينئذ يلزمه زوال الإعجاز بزوال زمن التحدي ، وفيه خرق لإجماع الأمة: أن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم العظمى باقية، ولا معجزة له باقية أظهر من القرآن، ويلزم الصرفة أيضا أنه لا فضيلة للقرآن على غيره .

فإن قلت : القول بعجزهم مع بقاء قدرتهم فيه الجمع بين التقيضين، وهو محال قلت: معنى قدرتهم: أن هممهم توجهت إلى المحاكاة؛ لظنها القدرة عليها، فعجزت، وعلى القول بالضرفة لم يتوجهوا لمعارضته أصلا؛ لقطعهم من نفوسهم بعجزها، وأنه لا قدرة لها عليها البتة (1) الضرفة هي : أن الله صرف العرب عن أن يعارضوا القرآن ويأتوا بمثله؛ أي : إن بمقدورهم ذلك، وللكن الله سلبهم إياه، وعليه فالإعجاز ليس في ذات القرآن ، بل في غيره

Shafi 324