307

Minah Makkiyya

Nau'ikan

============================================================

ووقع للشارح رحمه الله تعالى حل هلذا البيت على خلاف ما ذكرته، وما ذكرته أولى وأنسب بمقامه صلى الله عليه وسلم، كما لا يخفى على متأمل: ثم رأيت القرطبي أشار إلى ما ذكرته حيث قال : ظن من سأله في حديث "الصحيحين " المذكور عن سبب تحمله المشقة في العبادة : أنه إنما يعبد الله خوفا من الذنوب، وطلبا للمغفرة والرحمة، فمن تحقق أنه غفر له.. لا يحتاج إلى ذلك، فأفادهم أن هنا طريقا آخر للعبادة، وهو الشكر؛ إذ هو : الاعتراف بالنعمة، والقيام بالخدمة، فمن كثر ذلك منه.. سمي شكورا، لكنه قليل ، كما قال تعالى : وقليل من عبارى الشكور(1).

وفي الحديث بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الاجتهاد في العبادة والخشية من ربه تعالى، قال العلماء : إنما ألزم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنفسهم بشدة الخوف؛ لعلمهم بعظيم نعمة الله عليهم، وأنه تعالى ابتدأهم بها قبل استحقاقها، فبذلوا مجهودهم في عبادته؛ ليؤدوا بعض شكره، مع آن حقوق الله تعالى أعظم من آن يقوم بها العباد. اه وقيام الليل كان في أول الإسلام واجبا عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أمته، كما ذكره الله تعالى في أول (سورة المزمل)، ثم نسخ بما في آخرها، ثم نسخ عن الأمة بالصلوات الخمس، وكذا عنه صلى الله عليه وسلم على الأصح، كما نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه، وللكن أكثر أصحابه على أنه لم ينسخ عنه صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى : { ومن اليل فتهجد بو نافلة لك} أي : عبادة زائدة في فرائضك؛ لأن الأمر للوجوب، وقيل: معناه : زيادة خالصة لك؛ لأن تطوع غيره يكفر ذتبه ، وتطوعه خالص له؛ لكونه لا ذنب عليه، فسائر تطوعاته صلى الله عليه وسلم لمحض زيادة الدرجات والقرب ، وأما حديث : "أللهم؛ إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قؤل أو عملي، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قؤل أو عمل"(2). فهو تعليم لأمته صلى الله عليه وسلم.

(1) انظره المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم* (139/7) (2) اخرجه ابن ماجه (3846)، وأحمد (172/1)، وأبو يعلى (715)

Shafi 307