============================================================
ورواه النسائي والترمذي في ثبير وهو: جبل مقابل لحراء: أنه صلى الله عليه و سلم كان عليه ومعه آبو بكر وعمر وعثمان، فتحرك حتى تساقطت حجارته بالحضيض - أي: الذي في قراره وأسفله - فركضه صلى الله عليه وسلم برجله وقال : " أسكن ثبير؛ فإنما عليك نبيي وصديق وشهيدان "(1).
وما أشار إليه الناظم بتعبيره با اهتز) من أن ذلك التحرك إنما كان للطرب والفرح لا للغضب.. نقله شارح "البخاري" ابن التين في أحد ، فقال : (قيل : الحكمة في ذلك: أنه لما رجف.. أراد صلى الله عليه وسلم أن يبين آن هذه الرجفة ليست من جنس رجفة الجبل بقوم موسى لما حرفوا الكلم، وأن تلك رجفة الغضب، وهذه هزة الطرب، ولهذا نص صلى الله عليه وسلم على مقام النبوة والصديقية والشهادة التي توجب سرور من اتصلت به لا رجفانه، فأقر الجبل بذلك فاستقر) اهر واستشكل ما ذكر بأن الهز طربا فرع العلم بمن فوقه ، وقوله : " أثبت..." إلخ يقتضي أن تحركه لغير السرور، ويجاب بأنه غلم من الأحاديث الصحيحة التي منها : " أحد يحينا ونحيه "(2) : أن أحدا أودع علما به صلى الله عليه وسلم ومحبة له وميلا إليه، فإذا اهتز لأجل ذلك. . دل على نوع طيش وخفة، فناسب آن يركضه صلى الله عليه وسلم برجله الكريمة، وأن يذكره بأن مقام النبوة والصديقية والشهادة كل منها يقتضي الرزانة وعدم التحرك، فلما علم الجبل ذلك.. سكن وخضع، فكان ما منه أولا هزة الطرب، وآخرا سكون الحياء والامتثال والأدب، ويحتمل أنه ارتعد هيبة لجلاله صلى الله عليه وسلم، فأمره صلى الله عليه وسلم بترك ذلك، وذكره بأن ما عليه من المقامات الثلاثة السابقة يقتضي هزة الجمال واللقاء المنبئين عن غاية الفرح والسرور قال الطبري وغيره : (واختلاف الروايات يحمل على آنها قصص تكررت)(3) وهو واضح؛ لأن كلا منها صحيح، فلا وجه إلا التعدد، وأيده شيخ الإسلام الحافظ (1) المجتبى (235/6)، والترمذي (3703) والحضيض: القرار من الأرض عند منقطع الجبل: (2) أخرجه البخاري (1482)، ومسلم (1365).
(3) الرياض التضرة في مناقب العشرة (278/1)
Shafi 281