Daga Canja zuwa Kirkira
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
Nau'ikan
6
وكما كان معظم أهل السنة من العرب كان معظم الشيعة من العجم. فقد دخلت شعوب كثيرة الإسلام لا فرق بين عرب وعجم حتى بدأ التشيع في الظهور، فانضم العجم إلى المعارضة بعد أن استولى العرب على السلطة باسم قريش وبحجة «الإمامة في قريش» وكرد فعل عليها روي أيضا «العلم في فارس» «ولو كان العلم في الثريا لناله رجال من أهل فارس».
وللإنسانيات الأولوية على المنطق. وتشمل الإنسانيات الطبيعيات والإلهيات والأخلاقيات والاجتماعيات والسياسيات. المنطق تجريد لا تقوى الثورات على استعماله، وأقيسة شكلية لا تقدر على فهم حركة المجتمع وصراع القوى فيه. وعندما يكون المجتمع في أزمة والناس في قهر يتم التحرر عن طريق العقائد الدينية التي تتحول إلى تصورات فلسفية مثل إبداع الكون والنبوة والمعاد والإمامة وقصص الأنبياء من أجل وضع المجتمع في حركة التاريخ وتحديد علاقة الحاكم بالمحكوم. يغيب منها النسق الثلاثي الصارم للحكمة: المنطق، والطبيعيات، والإلهيات الذي يجعل الفلسفة بناء ثابتا لا يتغير من أجل فلسفة تقوم على حركة الإنسان والمجتمع والتاريخ.
والخطاب الفلسفي الشيعي خطاب خال من المصطلحات الفلسفية الوافدة أو الموروثة ومحمل بمصطلحات إبداعية خالصة من ألقاب الأئمة مثل القائم والأساس والباب. وهو خطاب سهل الفهم بعيد عن التجريد، مباشر يدخل إلى القلب أكثر مما يخاطب العقل، ويعبر عن تجربة حية معاشة أكثر مما يعبر عن تحليل عقلي رصين. بل يكون أحيانا أقرب إلى الخطاب الشعبي لإخوان الصفا يهدف إلى تجنيد الجماهير وحشد المضطهدين. وكثيرا ما يعتمد على التراث الشعبي مثل إخوان الصفا والأساطير الشعبية والأسلوب العربي القويم بعيدا عن ركاكة الأعجام مع أنهم كانوا أيضا من العجم. ويبدو أن الاضطهاد يفرض أسلوبه المباشر ضد فيهقات الخاصة المستقرين في البلاط. يبدو أرسطو خياليا، مثاليا حالما أقرب إلى الشعر الفلسفي، والملحمة الإنسانية مثل بطولات الأساطير وحياة الشهداء، وأساطير السقوط والخلاص في كل الديانات مثل الديانة المسيحية. ويقدم القرآن صورا فنية بليغة للتأثير على الناس، فالبداية تخييل وتصوير دون محكم ومتشابه، حقيقة ومجاز، ظاهر ومؤول، مجمل ومبين. الكل ناطق صامت. الناطق في حاجة إلى تأويل والصامت في حاجة إلى تخييل. ويظهر أسلوب الرد على الاعتراضات المتخيلة من أجل الإحكام النظري. وقد يكون الاعتراض بآية والرد عليها بآية.
7
ويتم وصف الفكر الشيعي دون حجاج معه، معه أو عليه كما فعل أهل السنة. فقد كان الفكر السني الرسمي فكر سلطة والفكر الشيعي الشعبي فكر معارضة. فلا حجاج مع السلطة ضد المعارضة كما كان الحال قديما. بل قد يكون هناك حجاج مع المعارضة ضد السلطة كما هو الوضع حاليا. يكفي في ذلك سلاح الألقاب. فالسنة أهل الاستقامة والحديث الذين يسيرون على الصراط المستقيم والسنة القويمة. أما الشيعة فإنهم أهل الهوى والميل والتشيع والانحراف عن الطريق المستقيم. أهل السنة هم الفرقة الناجية، والشيعة هم الفرقة الضالة الهالكة طبقا لحديث الفرقة الناجية الذي استعمله أهل السنة منذ الغزالي في «الاقتصاد في الاعتقاد» ضد خصوم الدولة من الشيعة والباطنية والمعتزلة.
والنص الشيعي نص واحد بالرغم من اختلاف المؤلفين عليه. يمثل وحدة فكرية واحدة، وموقعا سياسيا واحدا. يكمل بعضه بعضا بصرف النظر عن مؤلفه، وحدة النص وتعدد مؤلفيه. وتكرار نفس النص يدل على أن هناك وحدات أولى تم التأليف منها، وهو النص الأم. وقد يعني توارد خواطر واتفاقا في الأفكار، فالظروف الواحدة تخلق موقفا فكريا واحدا يتم تدوينه في نص واحد. قد يزيد نص فكرة دون التكرار الأصم. وتتراكم الزيادات على النص الأم وتصبح نصا واحدا. يمكن تحليل الموروث نصا نصا وكذلك أشكال التعبير وآليات الإبداع. أما المضمون فإنه يتم تحليله باعتباره نصا واحدا. فالفكر الشيعي تيار فلسفي مستقل عن الأشخاص.
8
وعلى الرغم من عدم الدقة في النشر العلمي المحقق أحيانا للنصوص الشيعية وغياب الفهارس للمصطلحات والأعلام وتخريج الآيات والأحاديث إلا أن ذلك لا يمنع من تحليل المضمون لمعرفة مكونات النص وتوجهاته العامة.
ثانيا: حضور الموروث وغياب الوافد
Shafi da ba'a sani ba