25
وأحيانا يحتاج الفكر أن يوضح ذاته ويشرح نفسه بنفسه فيستعمل أسلوب البيان والإيضاح.
26
وتتنوع الموضوعات بلا رابط بينها، تبدأ بتقسيم العلوم إلى الفلسفة والرياضة والطبيعة، ثم باستعراض تاريخي يكشف عن الإطار الحضاري للفلسفة. يتجاوز الكندي أرسطو ويرفض إشراك العالم مع الله في التوحيد، ويثبت نهاية الجرم، ويقول بالخلق دونما حاجة إلى فيض الفارابي وابن سينا، على غير ما هو شائع في الدراسات الاستشراقية والعربية المقلدة، أو إلى قدم ابن رشد. يفضل أفلاطون على أرسطو؛ لأن أفلاطون أقرب إلى الصانع؛ وبالتالي إلى الخالق.
ويبدو التأليف المصطنع في «رسالة العقل»، والتي تقوم على التقسيم والمقارنة وذكر المتقابلات، وهو المنهج المتبع في بداية التأليف؛ فبعد الدعاء والسؤال يذكر رأي أرسطو في العقل، ثم شرحه بالمادة والصورة والنفس، ثم رأي الكندي في العقول الأربعة، وأخيرا تأتي الخاتمة والحمدلة.
27
وقد حدد لها الكندي نوعا أدبيا، وهو «موجز خبري»، أو «كلام مرسل». وهي رسالة قصيرة تقريرية تضع الأحكام والآراء العامة دون إفاضة في البرهان مع ذكر بعض الفلاسفة. ولفظ الخبر المرسل من مصطلحات علم الحديث وعلم أصول الفقه؛ مما يدل على مصدر نشأة المصطلحات .
28
وبالرغم من تمثل الوافد وأنه لا يضم إلا الوافد ظاهريا، إلا أن البيئة الدينية تظهر في بدايات النصوص ونهاياتها، وتعبر عن الجو الثقافي العام الذي يتم فيه البسملة والحمدلة والدعاء والصلاة والسلام على الرسول وآله وصحبه أجمعين، وتتراوح بين البسملة والحمدلة والدعاء بالتوفيق بالله، أو البسملة وإثبات العزة لله، أو البسملة وإثبات القوة والحول لله، ولا توجد آية قرآنية أو حديث نبوي؛ فالعقل يعمل تلقائيا ويبني موضوعه داخليا. وقد تظهر في البداية الدعوة للقراء بالتوفيق إلى طاعة الله، وقد يظهر هذا الجو الديني وسط الرسالة بعد المقدمة وقبل بداية الرسالة.
29
Shafi da ba'a sani ba