Daga Canja zuwa Halitta (Juzu'i na Farko Canja): (1) Rubuce-rubuce: Tarihi - Karatu - Satar Fasaha
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
Nau'ikan
ويقترح في البداية عدة مقاييس للتصنيف، منها تصنيف البشر طبقا للأخلاق والعادات، ولكن لم يستمر هذا التصنيف لأن البشر كائنات حضارية تبدع ثقافة وفكرا وعلما وصناعة.
17
وأحيانا يكون مقياس التصنيف الزمن؛ فالأمم إما قديمة أو حديثة. ولا يذكر لفظ الحديث صراحة، بل يفهم ضمنا ويضم العرب والأندلس. فالحضارة الإسلامية حضارة حديثة بالنسبة لحضارات الأمم القديمة، وهي سبع: الفرس، الكلدانيون، اليونان، القبط، الترك، الهند والسند، الصين. وهو ما يسمى بلغة العصر تاريخ الشعوب السامية التي حملت الحضارة الإسلامية.
18
والحضارة مقياس التدوين، والفلاسفة داخلها؛ فالفيلسوف انبثاق فلسفي، والفلسفة بزوغ حضاري. ويصف صاعد الحضارة من الأعلى إلى الأدنى. يبدأ بإصدار حكم عام على الأمة محددا مكانتها في التاريخ ومدى عظمتها. ثم يحددها جغرافيا، ويبين مساحتها على الأرض، ثم يضيف تاريخها حسابيا بمنعطفات ملوكها. وهو نوع من التاريخ السياسي. ثم يصف البشر والسكان وسلالتهم مثل علم السكان أو الجغرافيا البشرية. ثم يصف الدين وهو الأهم، مصدر الحضارة والباعث على الفكر، وهو أقرب إلى تاريخ الأديان. وأخيرا يبين العلم وذروة الإبداع الحضاري. وهو نفس المسار الذي اتبعه ابن خلدون في المقدمة في أبوابها الست ابتداء من الجغرافيا حتى العلوم.
ومفهوم «الطبقة» وارد عند المؤرخين والفلاسفة لتأريخ الحضارات كما هو الحال عند صاعد في «طبقات الأمم» وعند ابن جلجل في «طبقات الأطباء والفلاسفة» داخل الحضارات أو عند ابن أبي أصيبعة في «طبقات الأطباء» خارج الحضارات، وكأنهم ينتسبون جميعا على نحو أبجدي لحضارة واحدة. ولا يعني مفهوم الطبقة فقط الجيل؛ أي الزمن والعصر، بل قد يتضمن حكم قيمة التفاضل. وفضل المتقدمين على المتأخرين، وفضل الأوائل على الأواخر، وبالتالي فضل اليونان على الكل.
19
ومقياس تصنيف الحضارات هو الانشغال بالعلم.
20
فالعلم هو جوهر الحضارة وإبداعها. والأمم التي اشتغلت بالعلم ثمان: الهند، وفارس، والكلدان، واليونان، والروم، ومصر، والعرب، والأندلس، والعبرانيون. ولا تشتغل بالعلم إلا الصفوة أو النخبة الذين يعكفون على النفس وليس على الدنيا مثل الصين والترك. والأمم التي لم تعن بالعلم أيضا ثمانية، وفي مقدمتها الصين والترك والخزر، مضافا إليهم الصقالبة والروس والبرابرة وغيرهم. ويكون المجموع خمس عشرة أمة بمعنى قبيلة أو جماعة معظمهم في الشرق الأقصى وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية، وهناك أمم غير معروفة في وقتنا هذا مثل: برطاس، السريز، جوران، كشك، البرجمان قد يشيرون إلى التتار والمغول أهل الحرب الذين دمروا بغداد. ويدلل صاعد على أربعة أمم لم تعن بالعلوم؛ فالصين مملكة كبيرة، أهلها أصحاب صناعة عملية، يجدون في تجويد الأعمال وتحسين الصنائع والمهن التصويرية كما تبدو في نقش الحروف والزخرفة. والترك أهل حرب وفروسية. والزنوج والسودان والحبشة والنوبة أقرب إلى البهائم. والجلالقة والبرابرة يتميزان بالطغيان والجهل والعدوان والظلم، وأقرب إلى البدو، لا هم من أهل الشمال ولا هم من أهل الجنوب. والبهائم أفضل منهم في الصنعة والتصوير كالنحل والعنكبوت. والحيوان أفضل منهم في الحس والجسم. وقد يوحي ذلك التحليل ببعض الشعوبية والظلم التاريخي للصين، وقد كانوا أهل علم وحكمة، والترك وقد حفظوا العلوم في عصر الشروح والملخصات، كما أن للبرابرة ثقافاتهم وحضاراتهم ودياناتهم وممالكهم مما يصعب معه إصدار مثل هذا الحكم على السودان برداءة شيمهم وسفاهة أحلامهم.
Shafi da ba'a sani ba