261

Daga Canja zuwa Halitta (Juzu'i na Farko Canja): (1) Rubuce-rubuce: Tarihi - Karatu - Satar Fasaha

من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال

Nau'ikan

3

ولا يهم اللفظ «الخير» أو «العلل» أو العبارة «الخير المحض»، «الخير الأول» أو «إيضاح الخير المحض». فالمهم هو الموضوع الفلسفي الواحد كماهية شعورية مستقلة بصرف النظر عن مؤلفيه. المهم هو الموقف الحضاري والتشكل الكاذب كعملية حضارية لا تاريخية. فهل ترجمت عناصر الأثولوجيا أو الطبيعيات لأبرقلس إلى العربية؟ هل أضيف إليها تفسير فادن للنفس؟ أما الفارابي فلم يتعود ذكر مصادره باستثناء أرسطو وأحيانا أفلاطون، سواء كان لدفع الأخطاء عنه بتهمة نقل الوافد أم لعملية التمثل الحضاري للفكر بصرف النظر عن الأشخاص. وربما ذكره الفارابي ثم ضاعت بعض كتبه التاريخية التي يذكر فيها أخبار المدارس الفلسفية باعتباره مؤرخا نهاية لمرحلة النقل والشرح والتلخيص وبداية لمرحلة التأليف والإبداع. وفي «إلهيات الشفاء» العبارة مألوفة مثل الواحد الأول كنتيجة لعملية التشكل الكاذب وليس كحادثة تاريخية حول كتاب الخير المحض، خاصة أن ابن سينا يمثل مرحلة الإبداع في الذروة من حيث الصمت عن المصادر، والمؤلفات وأسماء الأعلام ونهاية تشخيص الفكر وبداية الفكر اللاشخصي. يكتفي ابن سينا بذكر الأوصاف مثل فاضل المتقدمين (الإسكندر)، أحداث المتفلسفة الإسلامية (أبو الحسن المعامري، وأبو الخير)، والكل مشائي. فالأولى ألا يذكر أفلاطونيا صريحا مثل أبرقلس ولم يذكره ابن رشد، ولم يشر إليه لأنه أدرك بفكره أنه منحول. وأبرقلس فيلسوف وثني أفلاطوني محدث لاقى إعجاب العرب، فالفيلسوف ليس بدينه بل بفكره. بعض النصوص له والبعض منحول عليه. منها ما نسب إلى أفلاطون، ومنها ما نسب إلى هرمس، ومنها ما نسب إلى أرسطو.

4

ولم تنسب نصوص الأفلاطونية المحدثة إلى أصحابها الحقيقيين لأن الحضارة ليست مؤرخا ناقلا بل متمثلا مبدعا. ولا يعني ذلك أن أثرها قد خف، بل إن المنحول قد يعظم أثره أكثر من الصحيح، بدليل أثر ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية. ولم تحدث المؤلفات الصحيحة لأفلاطون أثرا مشابها إلى المؤلفات المنحولة، المنسوبة إليه خطأ.

وفي كل نص منحول تظهر العناصر المكنونة للروح الأفلوطينية: الله والعقل والنفس والمادة. كما تحدث عمليات التشكل الكاذب، التعبير عن التصور الإسلامي للعلم من خلال هذه العناصر، والتعبير عن الإيمان الديني في تصور فلسفي حرصا على التنزيه والمفارقة الطبيعية. فالله هو الإنية المحضة، الواحد الحق ، الخير المحض، العلة الأولى، الهوية الأولى المبتدعة، الجوهر القائم بذاته غير المكون، لا يفيد ولا يتجزأ ودائم، العلة الأولى ثابتة قائمة بقوانينها المحضة، مستغنية بنفسها وموجودة، توجد في جميع الأشياء. القوة الإلهية فوق كل قوة عقلية ونفسانية وطبيعية. والفعل الإلهي شامل وممتد.

5

وهذه كلها اجتهادات تقريبية، فالعلة الأولى تند عن الوصف، ليس كمثله شيء، لا تستمد نورها من نور آخر، فوق كل اسم يسمى، ولغتها هي لغة النور والاستنارة. لذلك كان الإشراق هو الطريق إليها، إشراق الحقائق في النفس فيما وراء التصور واللغة والرسم. الخير يملأ العوالم كلها، ويفيض من الخير المحض. وهو المدبر الإلهي، الله تبارك وتعالى. العقل أكثر تشبها بالله. كل عقل إلهي يعلم الأشياء بعقله ذاته، ويدبرها بعقله أنه إلهي. فخاصة العقل العلم. وتمامه وكماله بأن يكون عالما. والمدبر هو الله تعالى. وكما يفيض الله الخير على الأشياء يفيض العقل العلم عليها، ولكن التدبير الأول لله والتدبير الثاني للعقل. المدبر الإلهي هو الله تبارك وتعالى، والعقل يتشبه به في التدبير.

يستعمل النص الوافد لتركيب تصور الموروث. فالنصوص الأفلوطينية وسيلة لإثبات الوحدانية على مستوى التصور الخالص دون ما حاجة إلى دليل نقلي. وهذا هو طريق التشكل الكاذب في جدل اللفظ والمعنى والشيء من أجل الوصول إلى المركز أو القلب أو القمة، ثم تركيب الوافد في الموروث وإقامة الموروث على التصورات الجديدة للوافد بحيث يتم ابتلاع الوافد في الموروث من حيث المادة وابتلاع الوافد للموروث من حيث الصورة.

6

كتاب «الإيضاح لأرسطوطاليس في الخير المحض» إذن كتاب منحول على أرسطو، وهو ما عرف أيضا باسم «كتاب العلل» نظرا لتركيزه على موضوع العلة الأولى، وهو نوع من التنزيه العقلي أو الإيمان الفلسفي والمفارقة الطبيعية. وهي قريبة من الإنية المحضة، الواحد الحق. والعلة الأولى هي الحيز المحض. وكل وحدانية مستمدة من وحدانيته. وكل نفس لها فعل إنساني وفعل عقلي وفعل إلهي. والفعل الإلهي يدير الطبيعة بالقوة، وهي قوة ذاتية وعقلية وإلهية. والقوة الإلهية فوق كل قوة عقلية ونفسانية وطبيعية. والعقل نوعان: عقل فقط لا يقبل الفضائل إلا بتوسط، وعقل إلهي يقبل الفضائل عن العلة الأولى مباشرة. ويعلم العقل الإلهي الأشياء ويدبرها. والمدبر هو الله تبارك وتعالى، والعقل هو المبتدع الأول الأكثر تشبها بالله. ويفيض بالله تبارك وتعالى على الأشياء. ويتقدم الله تبارك وتعالى العقل بالتدبير. وكما يبدأ الكتاب بالبسملة والتوفيق بالله ينتهي بالحمد له والصلاة على محمد وآله والسلام إلى يوم الدين. يتم إذن تعشيق أرسطو في الإسلام، والعقل الأول أو العلة الأولى مع الله في منطق التشكل الكاذب حتى يمحى الفرق بين أرسطو والإسلام. لا يكفي التنزيه العقلي لحساب اليونان، بل يضاف إليه الإيمان الفلسفي لحساب الإسلام.

Shafi da ba'a sani ba