249

Daga Canja zuwa Halitta (Juzu'i na Farko Canja): (1) Rubuce-rubuce: Tarihi - Karatu - Satar Fasaha

من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال

Nau'ikan

3

أما قضية الانتحال فلا تهم من حيث هي تاريخ محضر، إثبات أن أفلاطون أو أرسطو ليس هو صاحب هذا العمل أو ذاك. إنما أهميتها في دلالتها على النقل، بل الإبداع. فالحكماء ليسوا مؤرخين ولا باحثين نصيين مثل الأصوليين والمحدثين، بل هم مفكرون يفهمون النص ويتمثلونه ويعيدون بناءه. ما يهم هو فكر النص وليس مادة النص، روح النص وليس بدن النص. وسواء كان «أثولوجيا أرسطوطاليس» من أرسطو أو من أفلوطين، من «ما بعد الطبيعة» أو من التاسوعات، فهذا لا يغير من الأمر في شيء ما دام كل حكيم عنده إلهيات. وهذه هي إلهيات أرسطو بعد أن فقدت إلهياته من مؤلفاته. ليس الحكماء مؤرخو فلسفة أو ناقدو نصوص، بل هم فلاسفة. الغاية من الحكمة تمثل الثقافات الأجنبية من أين أتت، من أفلوطين أو من أرسطو. والمستشرقون وأتباعهم من العرب بإثارتهم هذه المسألة يريدون جعل الحكيم مؤرخا، والمفكر ناقدا نصيا، والأمر ليس كذلك. وإن كثرة الانتحال في الفلسفة اليونانية لا يمثل عيبا، بل هو ميزة؛ أي إبداع نصوص تعبر عن روح الفيلسوف أو ما ينقصه، ثم نسبتها إليه كعلم من الأعلام حتى يسهل تمثلها وإعادة بنائها مثل إبداع الإنجيل الرابع في البيئة الشرقية الغنوصية حيث تم نسبته إلى يوحنا، أقرب تلاميذ المسيح إليه، والذي كان يسند رأسه على كتف المسيح أثناء العشاء الرباني كما عبر عن ذلك رافائيل في لوحته المشهورة. بل إن النسبة الخاطئة لأكثر دلالة على الفكر من النسبة الصحيحة، وذلك مثل وصايا أرسطو إلى الإسكندر، كتاب التفاحة، ووصايا أم الإسكندر إلى ابنها. لم تكن صدفة نسبة المقتطفات من التاسوعات لأفلوطين لأرسطو. إنما هي روح الحضارة العربية الإسلامية العامة التي وضعت النص في مكانه الصحيح لإكمال بنية الفلسفة كما وضعها الفيلسوف. ولو كانت حالة شك عند المسلمين لصحة النسبة لنسبوها إلى أرسطو لأن الأمم لا يهمها معرفة أرسطو التاريخي، بل روحها وحضارتها، وعلى أرسطو الاتفاق معها. وكتاب التفاحة لسقراط وأرسطو حوار أرسطو مع تلاميذه قبل وفاته مثل محاورة فيدون لأفلاطون، والإحالة إلى مؤلفات أرسطو من أجل صحة النسبة وإلحاق المنتحل بالصحيح خاصة كتاب ما بعد الطبيعة.

4

وتلك عادة الشعوب في عمل وصية أو عهد للميت. إن القصد من الانتحال هو إكمال الناقص ذهنيا وفكريا وحضاريا أولا ثم إيداع ذلك تاريخيا ونصيا وتدوينيا ونقلا. فليس من المعقول أن يكتب أرسطو في الحيوان دون أن يكتب في النبات. فهو موضوع واحد الطبيعة، على مستويين مختلفين، النبات أولا ثم الحيوان على ما هو واضح في تركيب النفس النباتية التي تضم وظائف ثلاثا: التغذية والنمو والتوليد، والحيوانية التي تضم بالإضافة إلى هذه الوظائف وظيفتين أخريين: الحس والحركة.

5

ولماذا لا يكتب أرسطو كتابا في النبات وقد ألف كتابا في الحيوان وعدة كتب أخرى استمرارا لمشروعه في دراسة الكون والفساد؟ فالانتحال إذن يتضمن ثلاثة عناصر: الأول إكمال الناقص عقليا، والثاني إكمال الناقص دينيا، والثالث الإكمال بنفس روح المذهب واتباعا لبنيته الداخلية. الفيلسوف هو الذي يكتب سواء كان حيا أم ميتا. والحضارة الجديدة تكتب نيابة عنه. إن كان قد مات فروحه مستمرة في روح الحضارة والتي تعيد إنتاج نصوصه كاملة غير منقوحة بصرف النظر عن مؤلفها الأول الذي مات أو الثاني الذي ما زال حيا.

وكلما استقل الفكر وأصبح له صدقه من داخله يتفق مع العقل والطبيعة أصبح حقيقة خارج التاريخ وينسب لكل الحكماء من أجل التعظيم والإجلال. ولا ضير من نسبة القول الواحد إلى أكثر من حكيم ما دام النص المنسوب على نفس قدر الحكيم المنسوب إليه. مثال ذلك نص كسرى أنوشروان الشهير في فلسفة السياسة الذي دخل في كل نصوص الفكر السياسي الإسلامي اليوناني والفارسي والمنسوب إلى أرسطو.

6

فليس اليونان بأقل قيمة من الفرس. والنص يقوم على بنية عقلية محكمة، ثمانية مقاطع، آخر كلمة في المقطع هي أول كلمة في المقطع التالي على النحو الآتي: (1)

العالم بستان

Shafi da ba'a sani ba