Daga Canja zuwa Halitta (Juzu'i Na Farko Canja): (2) Rubutu: Fassara - Kalmar fasaha - Sharhi
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
Nau'ikan
والنص الأصلي له جهاز نقدي تفصيلي، يعطي المادة التفصيلية الخام التي يمكن تحليلها من أجل العثور على منطق النقل الحضاري، وذلك مثل «تعبير الرؤيا» لأرطميدروس أو «تاريخ العالم» لهورسيوس أو «المقالة الرابعة عشرة من كتاب طبائع الحيوان البحري والبري» لأرسطوطاليس، ترجمة يحيى بن البطريق من اليونانية.
38
ودون التعرف على هذا المنطق الدقيق قد يقال إن الترجمة العربية غير دقيقة. والحقيقة أن هذه الدقة تعني الحرفية، والترجمة العربية ترجمة للمعنى وليس للفظ، أقرب إلى تلخيص المعنى والتعبير عنه، في أقل قدر ممكن من الألفاظ طبقا لتعريف البلاغة العربية، فلا تحاسب الترجمة لفظا بلفظ طبقا لترتيب الجملة اليونانية أو لعدد ألفاظها؛ إذ تقتضي الجملة العربية ترتيبا آخر وألفاظا أقل. دقة المعنى هو الخاص وقد تتجاوزه الترجمة إلى العام من أجل إعادة توظيفه والتعبير عنه. قد تكون الترجمة غير دقيقة، ولكنها أجمل أسلوبا وأوضح تعبيرا وأسهل فهما، ويمكن التعبير عن المعنى بأكثر من طريقة، وكل الطرق صحيحة. وإن إسقاط بعض الألفاظ من النص اليوناني لا يعني أن الترجمة العربية غير دقيقة، بل يعني أنها مركزة وواضحة المعنى، أكبر قدر من المعاني بأقل قدر من الألفاظ. ولا توجد ترجمة رديئة تطمس معالم النص الأول؛ لأن المقصود من الترجمة ليس الحفاظ على تضاريس النص الأول، بل وضع تضاريس ثانية من البيئة الثقافية للنص الجديد. ولا يعني قلب الترجمة الإيجاب سلبا منفيا، والسلب إيجابا منفيا أي خروج على النص الأول؛ فلكل لغة طرقها البلاغية في النفي والإثبات. كما أن لكل لغة ذوقها، فإذا أشار النص اليوناني إلى أن الطبيعة كالرجل العاقل، فإن الذوق العربي يقتضي الحديث عن الطباع والفطرة الخيرة، ولكل لغة أسلوبها في الشرط والحذف، ولكل لغة بلاغتها في التركيز والاطناب، في التقديم والتأخير. وإذا كان غرض أرسطو وصف الحيوان، فإن غرض المترجم دلالة الحيوان؛ أي علم الحيوان كجزء من العلم الطبيعي، والعلم الطبيعي كجزء من علوم الحكمة.
39
ولا يعني وجود فرق شاسع بين النص اليوناني والترجمة العربية أي نقص في الترجمة؛ فالترجمة لا تعني موازاة كمية النص اليوناني لفظا بلفظ وعبارة بعبارة، بل التقاط المعنى من عل، من سياق العبارة ومن المعنى الكلي لها، ثم إعادة التعبير عنه بألفاظ أخرى، من اللفظ اليوناني إلى المعنى، ثم من المعنى إلى اللفظ العربي، وليس من اللفظ اليوناني إلى اللفظ العربي.
لا توجد ترجمة عربية رديئة، بل تعديل للصورة والتركيز على المعنى، مثل استبدال ولادة الحيوان بوضع البيض، واستبدال مخرج الفضلات هو نفسه سبيل الزواج إلى فضلة البول.
40
ويمكن ترجمة كل لفظ أكثر من معنى، طبقا لإيحاءات اللفظ والرغبة في زيادة شحنته أم خفضها من أجل التأثير في القارئ؛ فالفعل الذي يفيد تأكيد القول والجهر به في اليونانية، قد يترجم بفعل يزعم؛ فكل تأكيد زعم،
41
ولكن ليس من المعقول أن الترجمة العربية لا تؤدي أي معنى، وإلا ما كانت ترجمة وما كان المترجم مترجما، أو أن المترجم العربي لم يفهم عبارة تفصيلية في وصف أجزاء السمكة، إذا كانت لا تؤثر في الدلالة العامة. وما دامت الترجمة العربية تؤدي المعنى، فلا يهم مطابقة اللفظ باللفظ، والحرف بالحرف، والعبارة بالعبارة. والحكم على الترجمة بالغريبة أو البعيدة يرجع إلى الحاسة اللغوية للمترجم، وإدراكه للمعنى قريبا أو بعيدا. والاكتفاء بالدلالة الكلية دون التفصيلات الجزئية في النص الأول لا يكون ترجمة بعيدة.
Shafi da ba'a sani ba