Daga Canja zuwa Halitta (Juzu'i Na Farko Canja): (2) Rubutu: Fassara - Kalmar fasaha - Sharhi
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
Nau'ikan
سابعا: الترجمة ومنطق اللغة
وأكثر النصوص تفصيلا لعرض الترجمة ومنطق اللغة هو كتاب «تعبير الرؤيا لأرطاميدروس»،
1
ولفظ تعبير لفظ محلي بمعنى تفسير، في حين أن اللفظ اليوناني يعني «النقد»، بل إن العالم كله يقابل علم الفراسة العربي، ولكن على مستوى الغيب، وليس على مستوى الشهادة. ترجمه حنين بن إسحاق الذي لم يترك فرعا من فروع الفلسفة إلا وترجمه، وفصول الكتاب قصيرة وضعها المترجم لإيجاد بنية للموضوع؛ فالمترجم لا يترجم مادة خاما، بل يقسمها طبقا لموضوعاتها؛ مما يدل على أن ترجمة الألفاظ والعبارات إنما تخضع لرؤية كلية شاملة، وأسلوبه واضح وسهل وموضوعه إنساني خالص.
وبالرغم من النشرة العلمية الدقيقة للكتاب، والهوامش المستفيضة لمن يشاء دراسة منطق الترجمة باعتبارها نقلا حضاريا، إلا أنه لا يجوز المراجعة على الأصل اليوناني طبقا لنظرية المطابقة، وأن النص اليوناني هو الأصل، وأن الترجمة العربية هو الفرع. كما لا يجوز ترجمة النص اليوناني القديم ترجمة حرفية؛ نظرا لاختلاف الموقف الحضاري بين المترجم الأول والمترجم الحالي، وربما لاختلاف المرحلة التاريخية عبر التاريخ؛ فبينما هناك ما يقرب من ألف عام بين المؤلف والمترجم الأول، وكلاهما ينتسب إلى الحضارة القديمة، فبين المؤلف القديم والمترجم الحديث ما يزيد على الألفي عام، بالإضافة إلى انتساب المؤلف إلى الحضارة القديمة، والمترجم إلى الحضارة الحديثة. وإذا كان المترجم القديم صاحب موقف حضاري، يعيد كتابة النص اليوناني كنص عربي، ناقلا إياه من بيئة الوافد إلى بيئة الموروث، ومن بنية الوافد إلى مقاصد الموروث، من أجل التحول من النقل إلى الإبداع، ومن البداية إلى النهاية، ومن التعلم إلى التعليم، ومن التلميذ إلى الأستاذ، ومن المحيط إلى المركز، فإن المترجم الحديث يخلو من موقف حضاري، أقرب إلى التلميذ منه إلى الأستاذ، يعتمد على قواميس اللغة أكثر مما يعتمد على الإبداع الحضاري، وضحية نظرية المطابقة؛ أي الترجمة الحرفية، التي سادت في القرن الماضي في الغرب؛ نتيجة للنزعة التاريخية في الدراسات الإنسانية.
2
وهناك إحساس بالتمايز بين الأنا والآخر ، بين العرب واليونان على مستوى اللغة والثقافة والعلوم والعادات والتقاليد. وتتم الإشارة إلى اليونانيين باعتبارهم الآخر داخل الترجمة، مع أن المؤلف اليوناني لا يشير إلى نفسه باعتباره يونانيا، أو إلى قومه باعتبارهم يونانيين، أو إلى ثقافته باعتبارها يونانية، وتتكرر الإشارة إلى اللغة اليونانية اسما وفعلا وحرفا، وتعبيرا ومثلا وبيئة وثقافة، وتاريخا وعلما وجغرافيا؛ ونظرا لارتباط الفكر باللغة فإن الترجمة تكون نقلا للفكر من لغة، وإعادة وضعه في لغة أخرى؛ مما يتطلب إعادة الصياغة وتفسير أساليب التعبير طبقا لخصوصية كل لغة. الترجمة إخراج للمعنى من اللفظ الخاص الأول، وإعادة التعبير عنه في اللفظ الخاص الثاني. ويقتضي ذلك إعادة التوازن للمعنى، وإكمال المعنى الجزئي في رؤية كلية، وإعطاء مزيد من البرهنة والصدق الداخلي.
3
وتخضع الترجمة لمنطق النقل الحضاري، الحذف والإضافة، وإعادة التعبير؛ فالحذف ليس نقصا في الترجمة، بل قد يكون زيادة في النص اليوناني، والإضافة قد لا تكون زيادة في الترجمة، بل نقصا في النص اليوناني. إنما يتوقف الحكم بالحذف والإضافة على اعتبار أيهما الأصل وأيهما الفرع؟ أيهما المقياس وأيهما المقيس؟ والحذف والإضافة يبدو أنهما متعارضان، والحقيقة أن القصد من الحذف هو التركيز على الموضوع، في حين أن القصد من الشرح هو توضيح المعنى، وكلاهما ضروريان في النقل الحضاري. ولا يوجد تحديد دقيق لموضوعي الحذف والإضافة، بل يتوقف ذلك على إحساس المترجم. قد يكون الحذف للقيمة اليونانية المحلية أو للواقع اليوناني المحلي. وقد تكون الإضافة للقيمة العامة التي تعبر عن التصور الإسلامي للكون. وقد يقع الحذف والإضافة في نفس العبارة؛ مما يشير إلى بزوغ التأليف داخل الترجمة، ابتداء من إعادة بناء الجملة كلها. وقد يرجع الحذف والإضافة إلى اختلاف في المخطوطات اليونانية نفسها؛ فما كان عند المترجم الأول القديم ليس بالضرورة هو ما لدى المترجم الثاني الحديث. وقد يرجع إلى اختلاف النسخ، وفي هذه الحالة يصبح منطق النقل الحضاري بلا أساس، ولكن لكثرة النقص والزيادة بين النصين اليوناني والعربي، يتضح القصد وتقل المصادفة. ويكفي إعطاء نماذج من منطق النقل الحضاري، الحذف والإضافة والأسلوب اكتفاء بالاستقراء المعنوي كما يقول الشاطبي؛ أي الإحصاء الناقص الذي يكفي للحصول على المعنى أو القانون، دون استقراء تام يستحيل إجراؤه، ولا يفيد.
4
Shafi da ba'a sani ba