10 / 10 / 48
1950
أوراق خريف
- لماذا سميت كلماتك أوراق خريف؟ - احزر.
هذا ما سألنيه أحد أصحابي بعدما قرأ كلمتي الأولى في «المكشوف» اليومي، ولما أجبته: احزر، صاح كأنه اكتشف القنبلة الهيدروجينية: أظن أنك أخذته عن فيكتور هيغو.
فقلت: ما حزرت يا صاحب، فهز كتفيه ودلى شفته السفلى حتى خفت أن تقع ... وحاولت أن أستثير فضوله بسكوتي، ولكنه كان أصبر مني على الصمت، فتراجعت عن حصن صبره المنيع، ثم تضاحكت وقلت: احزر، فرد بامتعاض اليائس وهزة كتف.
فقلت: ما لك تتأله لتتحدث عن أتفه الأمور؟! سميت كلماتي أوراق خريف لأنها كورق الخريف تذهب. ويا ليت فيها ما في تلك من خير، تلك ربما سدت فراغا في بطن حيوان، أما هذه فلا تغذي من كانوا موتى الوجدان. هاتيك تستحيل سمادا يغذي التربة أما هذه فما تقع إلا على صخور ... صارت القلوب حجارة يا أخي مات الزمن الذي كانوا يقولون فيه:
جراحات السنان لها التئام
ولا يلتام ما جرح اللسان
قال زياد: كذبة المنبر بلقاء، فما قولك فيما نسمع اليوم من إخوان ابن أبيه؟! يكذبون على الله وعبيده ولا يبالون. صار الكلام شر السلاح، وجلود التماسيح لم يعد يؤثر بها غير المسلات ... فلولا يستعيض بها الكاتب عن قلمه لكان أوفر احتراما.
Shafi da ba'a sani ba