55

لويز :

إنك لقاتل!

ألبير (في بطء) :

نعم إني قاتل!

لويز :

لا أعرف جريمة أدنأ من هذه! فتاة بائسة ليس لها عائل، وليس لها من يدفع عنها!

ألبير :

لقد كانت ميتة! ولقد حاولت كل شيء في إنقاذها، ولقد وصلت من الفناء إلى حد أيأسني من شفائها، وأقسم لو أن طبيبا أقبل فتنبأ لنا بأن صحتها قد تتحسن لوصفناه بالحمق! لقد كنت أجرب في جثة هامدة، فلم أزدها ألما ولا حزنا، ولقد لقحتها ميكروب السرطان، وهي في إغماء، فلم تشعر بشيء ...

أرى أني مجرم، ولكني أرى ذلك لأول مرة، لقد كنت مطمئنا الاطمئنان كله، إن الذين شهدوا مثلي احتضار كثيرين ثم فكروا لا يستطيعون أن يؤمنوا بحياة أخرى، نعم! إذا رأيت الكائن العاقل يفقد قليلا عقله وبهجته وشعوره، وكل ما يكون الشخص الإنساني حتى لا يبقى منه على سرير الألم إلا شيء تعس، ذاهل، يصيح، إذا رأيت هذا شعرت بأنك إنما تشهدين كائنا ينحل انحلالا مؤلما، لا شخصا يبتدئ سفرا مجيدا، وإذن فنحن الذين يعلمون أن ليس بعد الموت حياة أخرى نجل الحياة ونقدسها أكثر مما يجلها ويقدسها مؤمن متعصب، ونعتقد أن أشد الجرائم إنما هو أن نضيع ولو مخطئين على الحي دقيقة من حياته التي ينتظرها الفناء، ولن تستطيعي أن تتصوري ما كنت أتخذ من حيطة حتى لا تقصر تجاربي أجل المريض ولو ثانية واحدة.

ثم يدور الحديث بينهما على هذا النحو شديدا قاسيا مؤلما، حتى تبلغ «لويز» من لومها أن تنكر عليه ثقته بعلمه، وترى أنه كان من الحق عليه ألا يجزم بأن مريضا سيموت؛ فقد تشفيه معجزة، وهنا ينكر الطبيب المعجزات، ويشتد الجدال بينه وبين زوجه في ذلك، حتى تخرج لويز عن طورها، فتقول له: ومهما تضرع إلى العلم هذا المعبود االجديد الذي يظلم العالم إن تقبل ضحيتك الدموية، فإن هذا العلم نفسه يظهر كراهية بشعة لهذه الضحية، حياة واحدة تملك تقديمها إلى العلم؛ هي حياتك!

Shafi da ba'a sani ba