Daga Rayayye Zuwa Mace
من حي إلى ميت: إلى أخي
Nau'ikan
لقد تعذر علي نقل رفاتك إلى الوطن حالا؛ لأن الحكومة المكسيكية لم تسمح بذلك إلا بعد مرور سبعة أعوام على وفاتك؛ ولهذا السبب لم تزل حتى الآن مستقرا في ضريحك، تحضنك تراب العاصمة التي أحببتها كثيرا، وتحنو عليك عن أخيك أشجارها، وتنوح فوق رمسك عن أبيك وعقيلة أخيك وشقيقتيك حمامها وسائر أطيارها.
نم مطمئنا في لحدك، فمتي حان الأوان أستجلب رفاتك، لا لأضعها فقط في لحد أمك، بل في جوف تابوتها وبين عظامها. وإذا لم أبق حيا تقوم عيلتي مقامي؛ لأن كل ما يتوجب علي قضاؤه يتوجب عليها.
الرسالة الخامسة عشرة1
لا تحزن على فقدي
يا أخي:
أوصيتني ألا أحزن على فقدك، وهذه هي الوصية الوحيدة التي لم أقم بها حسب مشيئتك وإرادتك؛ لأني كلما تأملت في شدة محبتك لي التي لا تعدلها محبة، وكلما فكرت كيف كنت - حتى في أشد ساعاتك ضيقا - غير حافل بالداء الذي كان يلتهمك التهاما، ولا بالألم الذي كان يطويك طيا، بقدر احتفالك بي، والتفاتك إلي، تنهمر دموعي عفوا بالرغم مني، وأصبح - ولا إرادة لي - مستسلما بكليتي إلى لواعج الحزن وبوارح الأسى.
يا أخي:
أنا بشر كما تعهدني، والطبيعة البشرية كثيرة الضعف، وكل ضعف يتطلب معينا، ومن خسر معينه يتفاقم خطبه وتكثر بلواه.
أجل، إن فلسفة العقل تقضي على المرء الذي يخسر معينه بأن يرضخ لأحكام القضاء التي لا مرد لها، فإذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون، ولكن فلسفة الشعور هي غير فلسفة العقل.
والشعور نوعان: شعور مادي، وشعور أدبي. هذا دواؤه من نفسه، وذاك دواؤه من غيره، فمن يشعر بالجوع أو العطش - وشعوره مادي صرف - فليس من دواء سوى الغذاء أو الماء.
Shafi da ba'a sani ba