Daga Rayayye Zuwa Mace
من حي إلى ميت: إلى أخي
Nau'ikan
أودعتك الثرى، وعدت وجمهور المشيعين إلى البيت، ولكن فكري لم يعد معي، بل بقي الليل بطوله يجول فوق ضريحك، ثم عاد إلي في الصباح برهة، ثم رجع إلى مقرك، ولم يزل حتى الآن، يذهب إليك ويعود إلي.
لقد أقمت فكري رسولا بينك وبيني، ولكنه لسوء الحظ رسول خائب، لا فائدة منه، ما زال يقرع بابك ولا تفتح له، ويناجيك ولا تناجيه، ويستجيبك ولا تستجيبه.
الرسالة التاسعة1
اكتب يا توفيق، لقد خلقت للكتابة
يا أخي:
أخالك حين قلت لي قبل وداعك الحياة: «اكتب يا توفيق، لقد خلقت للكتابة.» قد أردت أن تنشلني من عالم المادة إلى عالم الروح، وأحببت أن تحررني من رق التجارة وعبودية المال؛ لأنك منذ قرأت كتابي «الحياة في لبنان» توسمت في التبريز في حلبة العلم وصناعة الأدب. وقد أظهرت لي مرارا إعجابك في بنات أفكاري، وولوعك في طريقتي الكتابية.
والآن أعلمك أني قيام بوصيتك، تركت التجارة منذ وفاتك، ولم أعد أحفل في كسب المال، بل في اكتساب صناعة الأدب، تلك الصناعة التي ابتغيتها لي.
ابتدأت باسمك أجر يراعي، وأخط هذه الرسائل أناجيك بها لأستمد منك علما وعرفانا، ولأظهر لك كيف أصبحت بعدك مهيض الجناح، بلا أخ يأخذ بيدي في الملمات، ولا رفيق أستعين به على الطوارئ.
اعذرني؛ لأني أبعث إليك برسائلي مفتوحة، لجهلي عنوانك ومحل إقامتك، وسأزاول مواصلتك حتى أيأس من جوابك، فعندئذ. أعتقد أنك لم تستلم رسائلي، ولم تسمع نجواي لوجودك في قارة بعيدة، لا هاتف فيها، ولا أثر للمواصلات بيننا وبينها.
يا أخي:
Shafi da ba'a sani ba