338

Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Nau'ikan

وفي النهاية إن كل العبارات الكلامية صياغات إنسانية خالصة على الأقل على مستوى اللغة ولاتصال بين الذوات. فاللغة إنسانية بمعنى أنها مرتبطة بالأشياء، والتعبير بها لا بد وأن يوصل معا في الأشياء، والسامع لها لا بد وأن يفهم بالإشارة إلى الأشياء. فنحن هنا أمام جدل بين الذات، خاضع للمقولات الإنسانية الخالصة. لذلك وصف منهجه بأنه منهج الجدل.

45 (4) تكوين القضايا

لما كانت كل هذه الأبنية العقلية إنما تعبر عن أوضاع نفسية واجتماعية وبالتالي كانت كل القضايا حول الذات والصفات إنما تكشف عن مضمون نفسي واجتماعي وكانت أقرب ما تكون إلى التعبيرات الإنشائية التي تعبر عن مواقف انفعالية منها إلى قضايا خبرية تصدر أحكاما على واقع أصبح من السهل تتبع نشأة هذه القضايا وكيفية تكوينها ابتداء من التجارب الإنسانية الحية النفسية والاجتماعية التي يعيشها الإنسان.

والتجربة الإنسانية الرئيسية الفردية أو الاجتماعية هي تجربة النجاح والفشل، التقدم والتأخر، النهضة والسقوط، الأمل واليأس، الحركة والسكون. فالإنسان ليس إلا وجود متوتر بين هذين القطبين يظهران أحيانا كبعدين بين الأعلى والأدنى، بين المثال والواقع، وأحيانا أخرى بين الأمام والخلف، فالأعلى هو الأمام والأدنى هو الخلف. والخلاف في العبارات إنما يدل على خلاف في المرحلة التاريخية التي يمر بها المجتمع، المرحلة الإلهية أو المرحلة الإنسانية، في الأولى يتم تصور العلاقات بين الأطراف بين الأعلى والأدنى، وفي الثانية بين الأمام والخلف. والوجود الإنساني رسالة تحقق بين هذين القطبين، إمكانية وجود بين هذين البعدين. إذا ما تحقق بين هذين القطبين، إمكانية وجود بين هذين البعدين. إذا ما تحقق وصل إلى الكمال وإن لم يتحقق ظل ناقصا. ومن ثم كانت تجربة الكمال والنقص هي التجربة الشاملة للوجود الإنساني. فالإنسان ذو علاقة بين طرفين، بين المثال والواقع. إذا تحقق المثال حدث الكمال وإن لم يتحقق ظهر النقص. الإنسان هو هذه الإمكانية المستمرة بين الحركة والسكون.

46

لذلك كان سؤال القدماء عن الأوصاف والصفات والأسماء بصيغتين الأولى مثبتة والثانية منفية، مثل: هل الله محسن؟ هل الله غير محسن؟ هل الله عادل؟ هل الله غير عادل؟ هل الله رحيم؟ هل الله غير رحيم؟ هل الله صادق؟ هل الله غير صادق؟ هل الله حليم؟ هل الله غير حليم؟ ... إلخ. وهذا يعني أن كل صفة مرتبطة على نحو ما بالصفة المضادة وأن الإحسان وغير الإحسان واجهتان لواقعة واحدة. وأن العدل وغير العدل شيء واحد من وجهتين مختلفتين وهكذا. فما هو وجه الارتباط بين الشيء ونقيضه؟ وما هو وجه الصلة بين الضدين؟

قد تبدو في الظاهر أولوية الصفات الموجبة على السالبة، ولكن في الحقيقة تبدو الصفات والأسماء السالبة على أنها المصدر والأساس. فيبدأ واقع الظلم قبل الإحساس بالعدل. ويكون هناك وضع قسوة قبل أن تنشأ الرغبة في الرحمة. وقد يقال إن الإحساس بالعدل موجود برفض الظلم ولكن الحقيقة أن الواقع سابق على الانفعالات، فرفض الظلم سابق على الإحساس بالعدل. وهذا لا ينفي وجود طبيعة بشرية، ولكن هذه الطبيعة موجودة في واقع ومتحدة به وليست سابقة عليه سبقا زمانيا أو خلقيا. ولما كانت الصفات الإيجابية تتحدد بنفي الصفات السلبية تكون الأولوية للسلب ولوجود النقص. فالذات المشخص عادل بنفي الظلم عنه، ورحيم بنفي القسوة عنه، وصادق بنفي الكذب عنه، وحليم بنفي السفه عنه ... إلخ. بل إن نفي الصفة المضادة يكفي لإثبات الصفة الموجبة دون حاجة إلى إثبات الضفة الموجبة إثباتا موضوعيا. ويكون نفي الصفة المضادة أحد الحلول لمشكلة إثبات الصفات أو نفيها. وهو إثبات الصفة بنفي الصفة المضادة. والواقع أن كل ذلك عمليات شعورية خالصة لا تثبت أو تنفي شيئا في الواقع. فحب الحلو لا يعني كراهية المر بالضرورة، بل يحدث ذلك القلب في الشعور وطبقا لقوانين التناقض والتقابل والتضاد الصورية. وصدق القضية لا يعني كذب نقيضها بالضرورة إلا في المنطق الصوري الفارغ من كل مضمون لأنه في الواقع قد يتحد الضدان في واقعة واحدة.

47

وقد تعني الصفة نفي ضدها. وقد تنشأ الأسماء من نفي الضد. فالعالم ما ليس بجاهل، والقادر ما ليس بعاجز، والحي ما ليس بميت. وذلك يدل على أن تعريف الإيجاب يتم بالسلب، وأن أساس الثبوت هو النفي.

48

Shafi da ba'a sani ba