Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Nau'ikan
وقد اضطرب الترتيب أيضا قبل أن يستقر على هذا النحو. فقد تأتي الحياة قبل العلم،
46
وقد تأتي القدرة قبل العلم،
47
تصديرا للثلاثي.
48
والسؤال الآن: هل يخضع هذا الترتيب النمطي لضرورة عقلية منطقية أم لضرورة حسية واقعية؟ فإن لم تكن الضرورة عقلية منطقية، فكيف يمكن معرفة واقع المؤله إن لم يتم ذلك بقياس الغائب على الشاهد؟ لا توجد ضرورة واقعية في المؤله تقتضي هذا الترتيب: العلم القدرة الحياة؛ لأن المؤله تشخيص لعملية التأليه، أي أننا في ميدان العمليات الشعورية الخالصة وليس له وجود في الخارج، وحتى على افتراض وجود إله في الخارج طبقا لمقتضيات الدليل الأنطولوجي، فإنه لا يمكن الوصول إليه إلا بالعقل، أي أننا لا بد وأن نرجع ثانية إلى عالم الأذهان، وفي هذه الحالة يعطينا الشعور الاحتمالات الستة السابقة، ويكون أولها: العلم القدرة الحياة، هو المعبر عن هذه الضرورة الذهنية. فللعلم والقدرة الأولوية على الحياة لأن العلم والقدرة أقل تشبيها من الحياة، لا يتطلبان محلا، في حين أن الحياة تحتاج إلى محل. ويكون للعلم الأولوية على القدرة لأن القدرة تحتاج إلى محل تظهر فيه في حين أن العلم لا يحتاج لدرجة التنزيه. فالصفة المنزهة سابقة على الصفة التي توحي بالتشبيه، وهو المقياس العام لتصنيف الصفات وترتيبها. والحقيقة أن هذه الصفات ليست معنوية خالصة، فالعلم يقتضي العقل، والقدرة تتطلب الإرادة، والحياة تتطلب القلب أو النفس أو الحرارة. فهي كلها صفات تشبيه وإن كان تشبيها معنويا.
وقد يدل هذا الترتيب على أن النظر يسبق العمل، والمعرفة تسبق القيمة، والقدرة تدل على أن العمل تال للنظر، والوجود لاحق على المعرفة. أما الحياة فهي شرط الجميع، وإن شئنا تكون الحياة نظرا وعملا، معرفة ووجودا، تخطيطا وتحقيقا، مثالا وواقعا. العلم والعمل ينشآن في الحياة، والحياة تعبر عن نفسها في العلم والعمل. العلم وصف للخبرات الشعورية وتحليل لها من أجل تغيير الواقع بالمعنى أو بالفعل وهو العمل. النظر يسبق العمل، والعمل يلي النظر، والحياة شرطهما معا. لا يمكن للحياة أن تتلو العلم وتسبق القدرة، فالعمل تال للنظر، والعلم يولد القدرة. ولا يمكن أن تبدأ القدرة، فالقدرة بلا علم عمل عشوائي أهوج غير مقصود. ولا يمكن أن تتلو الحياة القدرة، ويأتي العلم في النهاية وإلا كانت القدرة مجرد تعبير عن الحياة في إرادة القوة. ولا يمكن أن تبدأ الحياة، فالحياة وحدها يشارك فيها الإنسان والحيوان والنبات، ولا تميز الإنسان وحده كالعلم. ولا يمكن أن يأتي العلم بعد الحياة. ولا يمكن أن تبدأ الحياة تتلوها القدرة، فتكون هناك إرادة القوة، ولا يظهر العلم إلا في النهاية مبررا وتاليا ولاحقا.
وقد تكون العلاقة بين الصفات الثلاث علاقة شرط بمشروط. فالحياة شرط العلم والقدرة. لا علم ولا قدرة بدون حياة. ولكن يأتي المشروط وهو العلم والقدرة في الترتيب سابقا على الشرط وهو الحياة؛ لذلك تساءل القدماء: هل يجمع بين العلم والقدرة الموت؟ هل يمكن وجود المشروط دون الشارط؟ والجواب الطبيعي هو النفي؛ لأنه يستحيل منطقيا تصور المشروط بدون الشارط.
49
Shafi da ba'a sani ba