223

Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Nau'ikan

وقد تجمع الصفات الثلاث، العلم والقدرة والإرادة، في حجة واحدة. فالعلم يتعلق بالواجب والممكن والمستحيل، والقدرة لا تتعلق إلا بالممكن، والإرادة لا تتعلق إلا بالمتجدد من الممكنات. فالعلم هو الأعم، والقدرة أقل عموما، والإرادة خاصة. ولا تتعلق القدرة فقط بحدوث العالم، بل بالقدرة على الشرور والمعاصي والكفر، أي أنها مرتبطة بالحسن والقبح وبحرية أفعال الشعور الداخلية والخارجية. ويمكن تعميم حدوث الصفات حتى على صفات الأفعال. ويكفي نفي قدم الصفات حتى يثبت حدوثها ويكون الحدوث حينئذ أقرب إلى الصيرورة منه إلى الخلق وفي اللحظة.

101

ولكن الحجة الحاسمة في نفي قدم الصفات كلها بلا استثناء هو استحالة وجود قديمين أو أكثر، ذات قديمة وصفات قديمة. فالقول بقدم الصفات يستتبع القول بقدم الكائنات، وهذا مستحيل لأن الكائنات مخلوقة.

102

يستحيل الاشتراك بين الذات والصفات في القدم، فالذات تنفرد بالقدم في حين تقع المماثلة بالصفة، والاشتراك في صفة يوجب الاشتراك في سائر الصفات. يستحيل القول بقدم الصفات لأن إثبات القدم ثم قدم العلم إثبات لإلهين، وهو وقوع صريح في الشرك.

103

إن القول بحدوث الصفات ناتج عن الحرص على الوحدانية والخوف من القول بتعدد القدماء كما تقول الفلاسفة في النفس والعقل والزمان والمكان والروح.

104

فلو قدر قديمان لامتنعا نظرا لدلالة التمانع. فإثبات حدوث الصفات يرجع إلى دليل التمانع القائم على استحالة مقدور واحد لقدرتين متساويتين أو مختلفتين، وهي دلالة مبنية على أن القديم قديم بنفسه، وأن الاشتراك في صفة يوجب التماثل، وأن من حق كل قادرين وقوع التمانع بينهما، وأن من حق القادر على شيء أن يحصل إذا توافرت الدواعي، وأن من لم يحصل مراده يكون ممنوعا ويكون متناهي المقدور، وأن متناهي المقدور يكون قادرا بقدرة، وأن القادر بقدرة لا بد أن يكون جسما، وأن خالق العالم لا يجوز أن يكون جسما!

والحقيقة أن القدم والحدوث نزوعان للذات وقصدان لها. قد يكون الدافع على القول بقدم الصفات أن القدم طبقا للشعور الإنساني أكبر قيمة من الحدوث، فالقديم أكثر كمالا وشرفا من الحادث، والسابق أعظم رتبة من اللاحق، والأول أسبق درجة من الثاني. وفي التجارب الإنسانية هناك الخمر العتيق، والجبن القديم، والحب السابق على رؤية الحبيب، والعهد القديم. فالقول بقدم الصفات ليس حكما عقليا على موضوع في الخارج، بل يعبر عن عاطفة إنسانية خالصة قائمة على التنزيه. والتنزيه أساسا يعني وضع الشعور على مستوى الشرف وإصدار أحكام بالنسبة إلى سلم القيم. أما الحدوث أو الخلق فإنه يعبر أيضا عن مطلب إنساني. فالجديد أفضل من القديم، والحاضر أكثر حضورا من الماضي، والخلق أفضل من التبعية، والإبداع أفضل من التقليد. إذا كان القديم قصدا نحو الله فإن الجديد قصدا نحو الإنسان. والشعور توتر بين القصدين. آثرت السلطة القديم وآثرت المعارضة الجديد، فالقديم خير دعامة لتثبيت السلطة القائمة لامتداده في الزمان وجذوره في التاريخ والجديد خير وسيلة لإثبات المعارضة بدلا من الرتابة والخمول والتسليم للأمر الواقع.

Shafi da ba'a sani ba