208

Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Nau'ikan

سبحان الله عما يصفون ، والتي ترد الذهن الإنساني إلى حدوده في استعمال اللغة ووصف الذات الخالص. ولكن الحجج العقلية ترد باستمرار للرد عليها بالرغم من قوتها وصلابتها، منها أن الصفات هي مجرد اختلاف وجوه الاعتبارات في شيء واحد لا يوجب تعدد الصفات، ومن ثم فهي موجودات ذهنية لا وجود لها في الواقع، في عالم الأذهان لا في عالم الأعيان. وقد تكون هناك حجة جدلية. فإما أن تكون الصفة الذات أو غير الذات. والأول نفي الصفات، والثاني إما حادثة أو قديمة. فلو كانت قديمة لشاركت الذات، وبالتالي تصبح آلهة، والاشتراك في العدم يوجب الاشتراك في الألوهية، فلم يبق إلا أن تكون حادثة وهي صيغة أخرى لنفي الصفات.

31

وقد تكون هناك حجة خطابية مؤداها أن إثبات الصفات يؤدي إلى الافتقار والحاجة في الذات، وهو ما يستحيل على الله. ولا يكفي القول بأن استغناء الله استغناء كمال وليس استغناء نقص أو حاجة؛ لأن ذلك مواجهة افتراض بافتراض، ويظل إثبات الصفات محاصرة للذات وإعجازا لها وكأن الوعي الخالص لا يستطيع أن يتخارج إلا بمعان مستقلة هي الصفات. ولكن أقوى الحجج هي دفع التشبيه دفاعا عن التنزيه. فلو كان له علم لتعلق بالمعلومات كما هو الحال في العلم الإنساني، وهو ما يرفضه الشعور بالتنزيه. لا يجب إذن إثبات علم قديم سابق على المعلومات، بل يجب نفي العلم على الإطلاق. نفي الصفات أكثر جذرية من إثباتها على أنها عين الذات أو إثباتها على أنها حادثة وكأن الحكم بأنها عين الذات أو بأنها حادثة يتضمن إثباتا لها في حين أن حكم النفي نفي أصلي من الأساس. إثبات العلم يؤدي لا محالة إلى إثبات العرض والحدوث والتكاثر وهو ما يرفضه أيضا الشعور بالتنزيه؛ لأن التنزيه يتطلب تجاوز ذلك وكل ما يطرأ على الحس. إثبات الصفات إذن نوع من التشبيه ويوقع لا محالة فيه بالرغم من الاحتراز بأنه لا يوجب تشابها لأن التماثل لا يكون بين الشيئين إلا إذا أناب الشيء محل الشيء. والحقيقة أن هذه الإنابة ليس شرطا في التماثل أو التشابه لأن البشر تجمعات مثل الحيوانات والحشرات:

وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم

دون أن يكون البشر بديلا عن الطيور أو الحيوانات. فالتشابه هنا هو الذي أوجب عند البعض القياس. وحقيقة التماثل في الأجسام أو في الأعراض والله ليس كذلك.

32

وفي حقيقة الأمر أن أحكام الصفات الثلاث، الإثبات والنفي، والزيادة والمساواة (الغيرية والهوية)، والقدم والحدوث، إنما تتعلق بطريقي التشبيه والتنزيه. فإثبات الصفات زائدة على الذات وإثبات قدمها يؤدي لا محالة إلى التشبيه. هناك صفات زائدة خاصة بالرباعي: «السمع، والبصر، والكلام، والإرادة» وإثبات وقدمها يوقع في تناقض لأن الصفات الإنسانية لا تكون إلا حادثة. في حين أن نفي الصفات واعتبارها عين الذات ثم القول بحدوثها يؤدي لا محالة إلى التنزيه. إذ تبقى الذات وحدها قديمة خالصة، وتؤول الصفات كمعان للذات فالسمع والبصر والكلام للعلم إدراكا وتعبيرا، والإرادة للقدرة تحقيقا. ولا تثار مسألة الصلة بين قدم الذات وحدوث الصفات، والتوحيد بين الذات القديم والصفات الحادثة إذا كانت الصفات عين الذات. وكان من الطبيعي أنه بعد إثبات التنزيه في أوصاف الذات في الوعي الخالص، بل ونفي الماهية أو الذات أو النفس خوفا من التشخيص واعتبار الصفات مجرد أوصاف لعمليات الشعور بالتنزيه تؤكد التنزيه مرة أخرى في نفي أي استقلال فعلي لهذه الصفات عن الشعور خوفا من الوقوع في التشبيه أو التشخيص مرة أخرى.

وقد قدم الحكماء حججا أخرى. فواجب الوجود مستغن، وإثبات الصفات يجعله مفتقرا إلى غيره في حاجة إليه، وهي تشابه حجة الكمال عند المعتزلة. كما أن الوجود ينقسم إلى واجب بذاته وإلى ممكن بذاته واجب بغيره. الواجب بذاته واحد لا تركيب فيه، والممكن بذاته مستحيل؛ لأن الله واجب الوجود، والواجب بغيره مستحيل؛ لأنه ضد الواجب بذاته، وهي تشابه الحجة الجدلية عند المعتزلة. والتدبير في الذهن بالاعتبار العقلي وليس في الوجود، وبالتالي كانت الصفات في الأذهان لا في الأعيان، وهي مثل حجة المعتزلة الأولى. والمبدأ الأول يعقل ذاته ويعقل ما يلزم ذاته من حيث إنه مجرد عن المادة وهو علة المبدأ الثاني، ومن ثم لا يحتاج إلى صفات زائدة. ويعلم الكليات دون الجزئيات، عالم بذاته، ومن علمه تلزم كل الموجودات، لا يعقل شيئا من الأشياء، وبالتالي هو عالم بلا علم له متعلق، أي له معلوم.

33

ولما كانت الباطنية تعتمد في أصولها النظرية على الاعتزال وعلى علوم الحكمة، فقد شاركت في نفي الصفات. يدخل الله في صراع بين المتخاصمين، وبين الضدين بذاته دون ما حاجة إلى صفات أو أفعال تعبيرا عن الموقف السياسي والاجتماعي الذي نشأ فيه التشيع. فإذا كانت السلطة تستعمل الصفات ضد المعارضة، فالمعارضة تستعمل الذات ضد السلطة.

Shafi da ba'a sani ba