Daga Akida Zuwa Juyin Juya Hali (2): Tauhidi
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Nau'ikan
28
ولا يرجع نفي الصفات إلى أية مؤثرات لفظية دخيلة، بل يخضع لضرورة عقلية داخلية دفاعا عن التوحيد العقلي في صورة التنزيه. ولا ضير أن تتبع حضارات أخرى لدوافع مماثلة ومختلفة لنفس الضرورة. فإذا كان التوحيد العقلي اليوناني أحد متطلبات العقل، فإن التوحيد العقلي الأصولي أحد متطلبات التنزيه. وهو عمل العقل في الوحي. والألفاظ مشاعة بين الجميع، خاصة بعد التقاء الحضارتين. ولم تعد مرتبطة بحضارتها الأصلية، ولو قبلت في الحضارات الأخرى لرفضت ونفدت مثل زيوس وبوزيدون وسائر آلهة اليونان. لقد عرضت الألفاظ على العقل أولا وقبلها العقل ثانيا، لأنها تساعد على التعبير عن التوحيد العقلي. وهذا لا يعني تقليدا أو تبعية، ولا يعني أثرا وتأثرا، بل تمثلا وامتدادا وتحضيرا.
29
إن اتهام كل موقف معارض بأنه من أثر خارجي هو تفريغ للإبداع الذاتي للمعارضة وأصالتها الفكرية. ولكل بيئة ثقافية استقلالها الفكري ومصادرها الخاصة. والتشابه الخارجي لا يعني بالضرورة التبعية الداخلية. وقد يرجع البعض الآخر نفي الصفات إلى مؤثرات داخلية من علوم الحكمة. وهذا أيضا غير صحيح، إذ يخضع نفي الصفات إلى مقتضيات عقلية خالصة، هي تلك التي تخضع لها علوم الحكمة وهي التي اقتضت من كلا العلمين وأصحابهما، المعتزلة والحكماء، إلى الانتهاء إلى نفس التوحيد العقلي. قد يوحي بذلك رد علم أصول الدين على علوم الحكمة في علم الكلام المتأخر واستعماله لغتها، ولكن الحقيقة أن الحكماء لا تنفي صفات التنزيه، ولكنها تنكر صفات التشبيه. فالحكماء يثبتون صفات العلم والقدرة والإرادة ... إلخ، ولكنها تكون عين الذات، وكلاهما في مقولة واجب الوجود.
30
ويبدو من تطابق التوحيد الفلسفي مع التوحيد الاعتزالي أن كليهما قائم على العقل ولا يعني بالضرورة تأثير الفلاسفة على المتكلمين.
وهناك عدة صياغات لحكم النفي طبقا لدوافعه. عندما يقال مثلا: حي عالم قادر لنفسه. والنفي هنا يأتي من الذات ورفضها للتعدد بالصفات. وقد يأتي النفي لكونه على حالة هي أخص صفاته، الحالة التي توجب له صفاته، والنفي هنا يأتي من إثبات الأحوال. فإن قيل: الباري عالم قادر حي لا لعلل ولا لنفسه، فالنفي هنا بلا دافع من الذات أو الحال أو العلة، وهو النفي الأولى أو النفي الأصلي. وفي هذه الحالة يظهر بصراحة، فيقال عالم لا بعلم، قادر لا بقدرة، حي لا بحياة، تأكيدا على النفي بحرف النفي، كما يؤكد الإثبات على الإثبات بحرف الجر في عالم بعلم، وقادر بقدرة، وحي بحياة. والعجيب أنه يمكن نفي الصفات عن طريق إثبات قدمها، فيقال مثلا: إن الله لم يزل عالما، وما دامت فقد شاركت الذات في الوصف وامحى التغاير. ولكن في هذه الحالة يخرج الأمر كله من مجرد إثبات الصفات أو نفيها إلى الوقوع في الشرك الصريح المتضمن في موقف الأشاعرة.
وهنا حجج نقلية كثيرة لنفي الصفات لا تظهر كثيرا عند مؤرخي أهل السنة كتمانا لها، وعلى رأسها:
ليس كمثله شيء
وغيرها من الآيات، مثل:
Shafi da ba'a sani ba